إدارة المخلفات في السويد
الصورة: Simon Paulin/imagebank.sweden.se

إعادة التدوير

نحو مجتمع خال تمامًا من النفايات

أعلنت السويد في عام 2018 أن 0.5% فقط من نفايات السويديين تستقر في الطبيعة، وأن الـ 99.5% يتم إعادة تدويرها أو استخدامها في توليد الطاقة الحيوية، وصناعة الأسمدة العضوية وغيرها. وأن هدف الحكومة القادم هو الوصول إلى عملية تدوير كاملة للنفايات. فكيف وصلت السويد إلى هذه الأرقام التي حولت معضلة النفايات والتلوث إلى مصدر دخل وطني صديق للبيئة، ويخدم أهداف التنمية المستدامة؟

التربية البيئية

“السويد كانت أول بلدٍ في العالم وصل لمرحلة الإشباع في إعادة تدوير نفاياته فقررت استيرادها من دول أخرى في الاتحاد الأوروبي”، قد تعطي هذه المعلومة انطباعاً خاطئاً بأن إعادة التدوير هي مشروع ربحي بحت، ومسؤولية حكومية فقط، غير أن الواقع هو أن إعادة التدوير هي مسؤولية الجميع في السويد.

إن الحفاظ على بيئة نظيفة للأجيال القادمة هي ثقافة اجتماعية في السويد، ولولا ذلك لما نجحت على سبيل المثال سياسة فرز النفايات المنزلية إلى درجة جعلت السويد تسعى لشراء النفايات من دول أوروبية أخرى كإيطاليا وبريطانيا لتشغيل معاملها بكامل طاقتها.

وهكذا فإنك ستجد في كل مجمع سكني من شمال السويد إلى جنوبه غرفة أو مساحة لحاويات النفايات، ألصق على كل حاوية منها صورة واسم المواد المخصصة لها، وتتراوح هذه المواد بين (نفايات الطعام العضوي، البلاستيك، الزجاج، المعادن، الخشب، الورق، البطاريات، الإلكترونيات). أما النفايات من الحجم الكبير كالأثاث والثلاجات فيجب نقلها إلى مراكز إعادة التدوير المنتشرة في كافة البلديات حيث يتم رميها في حاويات كبيرة مخصصة.

ويجب الإشارة هنا إلى أن المسؤولية الحكومية والاجتماعية، لا تعني بأي حال من الأحوال إخلاء طرف المنتجين، حيث تقع على عاتق المنتج التأكد من إعادة استخدام النفايات أو إعادة تدويرها أو استعادة الطاقة أو معالجتها بأي طريقة أخرى مقبولة بيئيًا. والغرض من مسؤولية المنتج هي، من بين أشياء أخرى، الحصول على المنتجات التي تستهلك أقل قدر ممكن من الموارد الطبيعية، يجب أن تكون سهلة لإعادة التدوير وألا تحتوي على مواد خطرة بيئياً.

الأب وابنته يقومون بإعادة التدوير في  مكان مخصص لإعادة التدوير.

أب وابنته يقومون بإعادة التدوير في مكان مخصص داخل إحدى محال السوبر ماركت. الصورة: Margareta Bloom Sandebäck/imagebank.sweden.se

أب وابنه في عربة الأطفال يقوم بوضع علبة من البلاستيك في إحدى مراكز إعادة التدوير

أب يقوم بوضع علبة من البلاستيك في إحدى مراكز إعادة التدوير الصورة: Magnus Liam Karlsson/imagebank.sweden.se

الأطفال يقومون بإلقاء المخلفات في محطات خاصة لتجميع المخلفات

الأطفال يقومون بإلقاء المخلفات في محطات خاصة لتجميعها. الصورة: City of Stockholm/imagebank.sweden.se

الأب وابنته يقومون بإعادة التدوير في  مكان مخصص لإعادة التدوير.

أب وابنته يقومون بإعادة التدوير في مكان مخصص داخل إحدى محال السوبر ماركت. الصورة: Margareta Bloom Sandebäck/imagebank.sweden.se

أب وابنه في عربة الأطفال يقوم بوضع علبة من البلاستيك في إحدى مراكز إعادة التدوير

أب يقوم بوضع علبة من البلاستيك في إحدى مراكز إعادة التدوير الصورة: Magnus Liam Karlsson/imagebank.sweden.se

الأطفال يقومون بإلقاء المخلفات في محطات خاصة لتجميع المخلفات

الأطفال يقومون بإلقاء المخلفات في محطات خاصة لتجميعها. الصورة: City of Stockholm/imagebank.sweden.se

الأب وابنته يقومون بإعادة التدوير في  مكان مخصص لإعادة التدوير.

أب وابنته يقومون بإعادة التدوير في مكان مخصص داخل إحدى محال السوبر ماركت. الصورة: Margareta Bloom Sandebäck/imagebank.sweden.se

أب وابنه في عربة الأطفال يقوم بوضع علبة من البلاستيك في إحدى مراكز إعادة التدوير

أب يقوم بوضع علبة من البلاستيك في إحدى مراكز إعادة التدوير الصورة: Magnus Liam Karlsson/imagebank.sweden.se

الأطفال يقومون بإلقاء المخلفات في محطات خاصة لتجميع المخلفات

الأطفال يقومون بإلقاء المخلفات في محطات خاصة لتجميعها. الصورة: City of Stockholm/imagebank.sweden.se

مصدر للطاقة المتجددة

يتم إعادة تدوير حوالي 49% من النفايات وحرق 50% منها في محطات توليد الطاقة، حيث تتحول الحرارة إلى بخار يدور التوربينات لتوليد الكهرباء، وتسخين الماء تماماً مثل محطات الطاقة التقليدية التي تحرق الفحم أو الغاز. وبلغة الأرقام فإن أربعة أطنان من القمامة تحتوي على طاقة تعادل طن واحد من النفط، 1.6 طن من الفحم، أو خمسة أطنان من نفايات الخشب، وفقا لشركة Avfall Sverige.

تمثل سلة المهملات جزءاً صغيراً من إجمالي إمدادات الطاقة في السويد؛ “تولد الطاقة المائية والطاقة النووية حوالي 83% من كهرباء السويد، بينما تولد الرياح 7%”. لكن القمامة توفر الكثير من الحرارة خلال الأشهر الباردة لسكان البلاد البالغ عددهم حوالي 10 ملايين نسمة. الطاقة من القمامة تعادل الطلب على التدفئة من 1.25 مليون شقة والكهرباء ل 680 ألف منزل ، وفقا لـ Avfall Sverige.

تتميز محطات توليد الطاقة التقليدية عادة بأبراج تبريد كبيرة تبدد الحرارة الزائدة، لذلك يتم استخدام حوالي 40% فقط من الطاقة التي يتم توليدها. لكن محطة توليد الطاقة من القمامة في لينشوبينغ على سبيل المثال، التي تولد الكهرباء، وتسخن المياه للاستخدام المنزلي والتجاري، تسخر 90% من إجمالي الطاقة. مما يساهم ليس فقط في وقف هدر 50% من الطاقة فقط بل ويوفر الماء الساخن للحمامات والمطابخ، وأنظمة التدفئة المركزية التي بنيت على مدى عقود من التخطيط الذي بدأ أواخر الخمسينيات من القرن العشرين.

كما تشير تقديرات Tekniska Verken إلى أن عمليات حرق النفايات التي قامت بها 2017 تجنبت إصدار ما يعادل 467000 طن من ثاني أكسيد الكربون. إلى جانب التدفئة والكهرباء، تنتج Tekniska Verken غاز الميثان الحيوي من 100 ألف طن من النفايات العضوية كل عام. ويدير هذا الغاز أكثر من 200 حافلة في مدينة لينشوبينغ، فضلاً عن أساطيل شاحنات جمع القمامة، وبعض سيارات الأجرة والسيارات الخاصة.

النفايات الالكترونية

تحتوي النفايات الإلكترونية على مواد خطرة كالرصاص والزئبق والزرنيخ تتطلب معالجة آمنة لأسباب بيئية وصحية. من ناحية أخرى فهي غنية بالمعادن الثمينة كالذهب والبلاتين التي سيتم هدرها إذا لم يتم إعادة تدويرها بشكل صحيح.

ورغم أن المعدلات العالمية لإعادة تدوير الأجهزة الإلكترونية هي في حدود الـ20% حول العالم، إلا أن السويد نجحت في إعادة تدوير كاملة، بل وتقوم باستيراد كميات إضافية من دول أخرى لتشغيل مصانعها .

لقد تم جمع 132,700 طن من نفايات الأجهزة الكهربائية والإلكترونية باستثناء البطاريات عام 2016، بمعدل 13.3 كغ للشخص الواحد.

صناعة الأسمدة

عندما لا يتم وضع النفايات العضوية في الأراضي الصالحة للزراعة كسماد، فغالبًا ما ينتهي الأمر إلى كونها ملوثًا بيئياً كبيراً. وتشهد عملية المعالجة البيولوجية للنفايات العضوية في السويد ارتفاعاً مضطرداً، فعلى سبيل المثال ذهب ٧٥٧,٤۸۰ طنًا من النفايات المنزلية إلى المعالجة البيولوجية وصناعة السماد عام ۲۰۱٦. هذا يمثل زيادة بنسبة ٤% مقارنة بعام ۲۰۱٥، ونسبة ۳۸% من إجمالي النفايات العضوية، وفي العام ۲۰۱۸ وصلت السويد إلى هدفها بمعالجة ٥۰% من النفايات العضوية بيولوجياً.

تحديات

في واقع يزداد فيه عدد السكان ومعدلات الاستهلاك، تعد الحاجة إلى استخدام الموارد بأفضل طريقة ممكنة تحدياً كبيراً للغاية. ويشمل ذلك بالتأكيد تقليل توليد النفايات، وتأمين إعادة تدوير عالية الجودة، واستخدام المخلفات المتبقية لإنتاج طاقة نظيفة.

ورغم أن السويد تحولت في مجال إعادة التدوير إلى مثال يحتذى به من قبل عدد من الدول، إلا أن ذلك لن يكون كافياً وحده في مواجهة تحديات التنمية المستدامة، فعلى سبيل المثال ارتفعت حصة الشخص الواحد من النفايات عام 2017 إلى 473 كغ، بزيادة 6 كغ للشخص الواحد عن العام الذي سبقه. ما يجعل من سبل تغيير أنماط الاستهلاك التحدي الأكبر أمام تخطيط السياسات الحكومية في هذه المضمار.

محطات توليد الطاقة الكهربائية عن طريق حرق النفايات تواجه انتقادات هي الأخرى، باعتبارها ليست صديقة للبيئة، ومسبباً للتلوث رغم محاولاتها لخفضه. ما يفرض التفكير بحلول جذرية تحقق التخلص من النفايات المنزلية والصناعية دون الإضرار بالبيئة في المستقبل، بما يتماشى مع رؤية حكومية تسعى إلى طاقة متجددة ونظيفة بنسبة 100% مع حلول العام 2040.