سويديون يحتفلون بالعام الجديد ويمكن رؤية شجرة عيد الميلاد في الخلفية.
الصورة: Hero Images/Folio/imagebank.sweden.se

احتفالات رأس السنة

استقبل السنة الجديدة على الطريقة السويدية

تعتبر طقوس وسمات احتفالات ليلة رأس السنة الميلادية واحدة من أشد ظواهر العولمة وضوحاً لما تحمله من سمات متشابهة للاحتفال حول العالم، بغض النظر عن الإيمان والمعتقد الذي يتّبعه الناس حول العالم، أو اتباعهم للتقويم الميلادي من عدمه.

الاحتفالات في الماضي

في عصور الفايكنج الغابرة تزامنت احتفالات أعياد الميلاد ورأس السنة مع احتفالات منتصف الشتاء القائمة أساساً على الكثير من الأكل والشرب والأُضحيات، ومع تحوُّل السويد من الوثنية إلى الديانة المسيحية قبل أكثر من ألف عام فإن كثيراً من تقاليد الإحتفال الوثنية بمنتصف الشتاء دُمجت بأشكال الإحتفال المسيحية بأعياد الميلاد ورأس السنة، و حُظرت منها أشكال الإحتفال المتعلقة بالأُضحيات. وكان الإحتفال برأس السنة في السويد يقام قديماً وحتى القرن السادس عشر في 25 من ديسمبر/كانون الأول.

في السويد والعالم

في حين أن عيد الميلاد هو احتفال بطابع عائلي، فمن الشائع في السويد كما يحدث في بلدان كثيرة حول العالم أن يكون احتفال رأس السنة أكثر عمومية ليشمل الأهل والأصدقاء والمعارف وحتى الغرباء على حد سواء. ولا بد أن تكون الاستعدادات لائقة، فتُلبس الملابس الأنيقة، وتُنسّق مائدة الطعام بشكل مُميز وتُقدم أطايب المأكولات الخاصة برأس السنة كالسمك و الكركند (جراد البحر)، والمحار، وأطباق اللحوم، والكثير من المشروبات الكحولية. وقبل حلول الساعة الثانية عشر يخرج المحتفلون إلى الأماكن العامة لإطلاق الألعاب النارية أو مشاهدتها.  وبالرغم من البرد الشديد في هذا الوقت من العام، فللخُروج من المنزل وإِطلاق الألعاب النارية والاستمتاع بالأضواء المختلفة يعطي سِحر خاص للاحتفالات .

وكما يحدث كذلك في العديد من الدول حول العالم تُفتح زجاجات الشمبانيا مع حلول مُنتصف الليل، وتتم مشاركتها مع المحتفلين، ومع دقة الساعة ١٢ ليلاً، يَطلق السويديون هتافاتهم وتهانيم بالعام الجديد، وتُضاء السّماء بألوان الألعاب النارية. ومن الشائع أن تُطلق السفن في المرافئ أبواقها هي الأُخرى مع اللحظات الأولى لحلول العام الجديد لمدة تصل إلى ربع ساعة. وعادة ما يَعود المحتفلون بعدها إلى حفلاتهم الخاصة لساعات مبكرة من صباح العام الجديد مصحوبين بأنغام الموسيقى والرقص ومظاهر الابتهاج بالعام الجديد.

عندما تضّاء السماء بالألوان

إذا قررت تمضية ليلة رأس السنة في العاصمة السويدية ستوكهولم، فإن واحدة من العروض التي لا يجب عليك تفويتها هي عروض الألعاب النارية وهي تُضيء سماء المدينة القديمة  بصحبة عشرات الآلاف من السويديين في أجواء احتفالية قد تمتد لنحو نصف ساعة بعد حلول العام الجديد.

والحقيقة هي أن معظم الألعاب النارية يتم شراؤها و إطلاقها من قبل المواطنين ما عدا بعضها الذى تقوم بتنظيمه يعض البلديات، إلا أن حيازتها و إطلاقها يستلزم تصريح من الشرطة، وهو أمر يتم التغاضي عنه في مناسبات عامة مثل رأس السنة على وجه الخصوص. وقد ينطوي ذلك على خطر الإصابة بسبب العدد الكبير ممن يحوزون هذه الألعاب وخصوصاً بسبب تأثير الكحوليات وتجاهل إرشادات السلامة من قبل المستخدمين، فتُسجل عدة إصابات في مختلف مناطق السويد على مدار العام بسبب سواء استخدام الألعاب النارية.

يقابل الألعاب النارية في عصرنا هذا ما عُرف عن المجتمع الزراعي قديماً في السويد من إطلاق النار من البنادق ابتهاجاً بحلول العام الجديد.

مع ختام كل سنة يذاع نقل حي من متحف سكانسن المفتوح، حيث تقرع الأجراس وتُنشد قصائد وترنيمات خاصة برأس السنة، وهذه الظاهرة بدأت من عام ١٨٩٣. إنها فرصة لا تفوت لتشعر باحتفالات رأس السنة و أنت على أريكتك المريحة، فهنالك العديد ممن يجدون ترك دفء المنزل من الأمور الشاقة في هذا اليوم.

في الراديو والتلفزيون

أحيت الاذاعة السويدية ليلة رأس السنة للمرة الأولى في عام 1920، وكان البرنامج بسيطاً قائماً على الموسيقى والعظات الدينية، وفي ثلاثينات القرن العشرين أدخلت إلى برنامج الاحتفال القراءة الشعرية لقصيدة “ساعة السنة الجديدة” Nyårsklockan لألفريد تينيسون واستمر هذا التقليد حتى عام 1956 حتى وفاة أندرس ديفال الممثل السويدي الذي اعتاد إلقاء القصيدة سنويًا، وفي عام 1977 بدأ التلفزيون السويدي بتناول هذه القراءة الشعرية عند الساعة الثانية عشرة من ليلة رأس السنة في حديقة سكانسن.

البرامج التلفزيونية الأخرى المرتبطة بالسنة الجديدة تكون عادة مزيجاً من البرامج الفكاهية، والتنبوء بما تخبئه السنة الجديدة، أو تلك التي تقدم لنا أحداث العام الراحل في لقطات.

فرصة للسفر

شهدت أعداد السويديين ممن اختاروا الاحتفال بأعياد الميلاد ورأس السنة خارج البلاد ارتفاعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، إذ ارتفع عدد رحلات الطيران الخارجية خلال موسم الأعياد بنسبة وصلت إلى خمسين بالمئة في السنوات العشر الأخيرة. فقد وصل عدد المغادرين خلال الفترة ما بين 20 و 31 ديسمبر/كانون الأول عام 2017 نحو 740 ألفاً، أي أن نحو 8% من السويديين قرروا الاحتفال بعيد الميلاد في الخارج.

ويبدو أن أعداداً متزايدة من السويديين بدوء يفكرون من منطلق أن السفر إلى الخارج فرصة للتخلص من الضغوطات السنوية المرافقة لفترة الأعياد والمتعلقة بتبادل الهدايا، والتحرر من قيد العلاقات الاجتماعية، في حين يرغب البعض بكسر روتين الاحتفال على إيقاع الثلوج وأن يحتفلوا بقدوم العام الجديد بأجواء البلاد الدافئة والاستوائية.

عهود السنة الجديدة

لا يزال من الأمور الشائعة في السويد مع حلول العام الجديد أن يقطع السويديون عُهوداً على أنفسهم، وعادة ما تتعلق هذه العهود بالكف عن التدخين، أو التقليل من شرب الكحول، أو ممارسة الرياضة بشكل مستمر وتناول الطعام الصحي وما إلي ذلك من أمور تساعد على تحسين نوعية الحياة. وبحسب بير كارلبرينغ بروفيسور علم النفس من جامعة استوكهولم الذي أشرف على بحث عن الموضوع في بداية عام 2017، فإن واحداً من بين كل ثمانية رجال سويديين يقطعون عهد السنة الجديدة على أنفسهم، بينما تصل النسبة بين النساء إلى واحدة من بين كل خمس نساء.

و يرى البعض أن عهد السنة الجديدة يعود للولايات المتحدة في أربعينيات القرن العشرين ويعيده البعض إلى أيام الفاكينج حيث اعتاد السويديون القدماء أن يعطوا وعود العام الجديد واضعين يدهم على صدر فرس.