2023 – عام من الاحتفالات المميزة
هل للأرقام دلالة؟ بالطبع! وبالنسبة للسويد، ثمة دلالات عدة للرقم 500!
إن عام 2023 بالنسبة للسويد هو حقًا عام مختلف، حيث تحتفي البلاد بالعديد من المحطات البارزة بدءاً من العائلة المالكة، ودار الأوبرا الملكية، ومأدبة جائزة نوبل، وصولًا إلى مدينة ملاهي ليسيبيرغ. إلا أن أهم ما يستدعي الاحتفال بالفعل هو الاحتفال باستقلال السويد والديمقراطية التي تتميز بها.
انضموا إلينا لتعرفوا المزيد عن دلالة هذه الأرقام!
استقلال السويد
حسنًا، ها قد عدنا 500 عام إلى الوراء، وتحديدًا إلى سنة 1523. فما الذي حدث آنذاك؟
في تلك السنة، تم اختيار غوستاف فاسا ملكًا على السويد. ومع ارتقائه إلى العرش، انفصلت السويد عما كان يعرف باتحاد كالمار الذي كان يضم الدنمارك والنرويج، واستردت السويد بذلك استقلالها.
هذا الحدث التاريخي المتمثل باختيار غوستاف فاسا ملكًا وقع في مدينة سترينغناس الواقعة على بعد 59 كيلومترًا غرب ستوكهولم. وفي ظل حكم الملك غوستاف فاسا، دخلت البلاد عهد الإصلاح البروتستانتي وجرى تأميم الكنيسة. وشهدت السويد كذلك في عهد الملك غوستاف فاسا وضع الأسس لنظام الحكم المركزي القوي والذي ستعمل البلاد على تطويره على مر القرون اللاحقة.
في ما يلي ثمانية محطات بارزة شهدتها السويد في مسارها نحو الديمقراطية:
- في عام 1634، تم اعتماد أول نظام للحكومة في السويد بمبادرة من المستشار آكسل أوكسنستيرنا، حيث شكّلت هذه الخطوة بداية تنظيم الدولة وفصل مهامها الاعتيادية عن الملك. وتقرر آنذاك أن تكون ستوكهولم مقر العائلة المالكة، والحكومة، والريكسداغ (البرلمان)، والإدارة المركزية للبلاد.
- في عام 1723، تم إقرار قانون الريكسداغ الجديد وتضمينه في الدستور السويدي في خطوة أولى من نوعها. وشمل القانون نظامًا انتخابيًا جديدًا ينص على ترجيح إرادة الأغلبية مقابل إرادة الملك في اتخاذ القرارت، وكانت هذه خطوة أخرى أولى من نوعها في تاريخ السويد.
- في عام 1766، أصبحت السويد أول دولة في العالم تكرّس حرية الصحافة في دستورها. وإلى جانب حرية الصحافة تم إقرار مبدأ حق عامة الجمهور في الاطلاع على الوثائق الرسمية، وهو ما يتيح للمواطنين التدقيق في عمل الحكومة والسياسيين.
- في عام 1809، اعتمدت السويد دستوراً جديداً غيّر كيفية توزيع السلطة ما بين الريكسداغ والملك. نص الدستور الجديد على تقاسم السلطة التشريعية ما بين الريكسداغ والملك. فصلاحية إصدار القرارات المتعلقة بالضرائب والميزانية على سبيل المثال باتت تعود للريكسداغ فقط. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت المحاكم والسلطات العامة كيانات مستقلة. إن مبدأ الفصل بين السلطات مبدأ أساسي في الدستور السويدي الذي يطلق عليه كذلك اسم “أداة الحكم”، حيث يميز بشكل كبير ما بين السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية. نظام آخر أنشأته السويد كان الأول من نوعه في العالم هو مكتب الأومبودسمن البرلماني (أمناء وأمينات المظالم). وإلى يومنا الحالي، الأومبودسمن هو الجهة التي يمكن للمواطنين والمواطنات اللجوء إليها لتقديم الشكاوى ضد السلطات العامة.
- في عام 1917، تم اعتماد النظام البرلماني. أصبحت الحكومة بموجب ذلك خاضعة للمساءلة من قبل الريكسداغ ويتوجب عليها الحصول على دعمه، في حين يخضع الريكسداغ للمساءلة من قبل الشعب. أما الملك فلم يعد بمقدوره اختيار الحكومة.
- في عام 1921، وللمرة الأولى، أصبح بمقدور النساء التصويت في الانتخابات البرلمانية والترشح لعضوية البرلمان، وبعد انتخابات ذلك العام دخلت خمس نساء إلى قبة الريكسداغ.
- في عام 1950، أقر الريكسداغ التعليم الإجباري ممثلًا بإلزامية التحاق الجميع بتسع سنوات من التعليم المدرسي. وتعود أولى خطوات السويد نحو إقرار إلزامية التعليم إلى عام 1842، حين أصبح على كل مدينة وأبرشية توفير مدرسة واحدة على الأقل ومعلم واحد للمرحلة الابتدائية.
- في عام 1974، دخل الدستور السويدي الحالي حيز التنفيذ.
الملك كارل السادس عشر غوستاف
يصادف عام 2023 كذلك مرور خمسين عامًا على جلوس الملك الحالي كارل السادس عشر غوستاف على عرش السويد. والملك في طليعة رموز الوحدة الوطنية في السويد باعتباره رأس الدولة. وحسب الدستور، ليس للعاهل أي نفوذ أو انتماء سياسي، وواجباته ذات طابع تشريفي وتمثيلي.
جلس كارل السادس عشر غوستاف على عرش السويد يوم 15 سبتمبر/أيلول 1973 بعد وفاة الملك غوستاف السادس أدولف. واليوم، بات الملك كارل السادس عشر غوستاف يحمل لقب صاحب أطول فترة حكم في تاريخ السويد، تخللتها أكثر من ثمانين زيارة رسمية خارج البلاد.
وستتبع ولية العهد الأميرة فيكتوريا خطى والدها، حيث نص قانون وراثة العرش لعام 1980 ألا يكون لجنس الوليد الملكي دور في تحديد من يرث عرش السويد، وبناء على ذلك أصبحت الأميرة فيكتوريا، وهي كبرى أبناء الملك الثلاثة، ولية العهد.
واحتفاء بتولي كارل السادس عشر غوستاف سدة العرش لمدة خمسين عامًا، بدأ الملك جولة على مناطق السويد الواحدة والعشرين، ومن المقرر أن يزورها جميعها على مدار السنة، ترافقه الملكة سيلفيا. ويستضيف الحكام المحليون هذه الزيارات التي تمثل فرصة للالتقاء مع أفراد الشعب.
أوبرا عن دار الأوبرا
في عام 1792، تعرّض مؤسس دار الأوبرا، الملك غوستاف الثالث لحادث إطلاق نار خلال حفل تنكري في الأوبرا، توفي بعده بأسبوعين. ولحّن إثر ذلك المؤلف الموسيقي الإيطالي جوسيبه فيردي مسرحية أوبرالية حول حادثة الإغتيال بعنوان «الحفلة التنكرية».
دار الأوبرا الملكية السويدية
تحتفل هذه السنة دار الأوبرا الملكية السويدية (الرابط باللغة الإنجليزية) بمرور 250 سنة على تأسيسها، ودار الأوبرا هي إحدى أبرز المؤسسات الثقافية السويدية.
شهدت خشبة هذا المسرح الوطني المخصص لفنون الأوبرا والباليه أول العروض في يناير/كانون الثاني من عام 1773. وأسس دار الأوبرا الملك غوستاف الثالث، والذي عرف عنه رعايته للفنون، حيث أراد تأسيس مجموعة فنون أداء سويدية قادرة على غناء الأوبرا باللغة السويدية. ولم تتوقف جوقة دار الأوبرا عن نشاطها الفني منذ ذلك الحين، وهو ما جعل منها واحدة من أقدم الجوقات المحترفة في العالم.
ويقع مقر دار الأوبرا منذ عام 1898 في وسط ستوكهولم، في المبنى الذي يطلق عليه اسم «أوسكاريَن».
افتتح الملك أوسكار الثاني دار الأوبرا الحالية الواقعة في وسط ستوكهولم في عام 1898.
برلمان قومية سامي
تنتمي قومية سامي في السويد إلى ما يعرف بمجموعات السكان الأصليين الموجودة في مناطق مختلفة من العالم، وهي واحدة من الأقليات الوطنية المعترف بها رسميًا في السويد. صفة الأقلية هذه تعني أن لقومية سامي حقوق خاصة بها وهي تضمن حماية ثقافة قومية سامي وتقاليدها ولغتها بموجب القانون.
ويصادف عام 2023 مرور ثلاثين عامًا على افتتاح البرلمان الخاص بقومية سامي الذي يعرف باسم سامي تينجيت، والذي جاء تتويجًا لعقود عديدة من العمل السياسي المنظم الرامي لتحقيق الاستقلال الذاتي.
تأسس سامي تينغيت عام 1993، وهو برلمان وهيئة حكومية في ذات الوقت، وتوجد أكبر مكاتبه في مدينة كيرونا في أقصى شمال السويد.
يبلغ عدد أعضاء برلمان قومية سامي 31 عضوًا، يتم انتخابهم لفترة أربع سنوات، وينعقد المجلس ثلاث مرات في السنة. ويحق للمسجلين في سجل قومية سامي الانتخابي المشاركة في عملية التصويت، وهؤلاء هم من يتكلمون لغة قومية سامي ويعتبرون أنفسهم جزءًا من مجتمعها.
وبصفته هيئة حكومية، يضطلع برلمان قومية سامي بمسؤولية رعاية شؤون قومية سامي الثقافية واللغوية والمعيشية مثل رعي حيوان الرنّة. وهو يتبع بشكل مباشر إلى وزارة الشؤون الثقافية في السويد.
دار بلدية ستوكهولم
ما من شك أن قائمة من هذا النوع لا يمكن أن تكتمل دون احتفالية مئوية! ولحسن الحظ أن لدينا تحفة معمارية تحتفل هذا العام على مرور مائة عام على إنشائها، وهي معلم يجمع ما بين الجمال والمعرفة!
افتتحت دار بلدية ستوكهولم في سنة 1923، وهي واحدة من أشهر معالم العاصمة. صمم المبنى المهندس المعماري راغنار أوستربرغ وتطلب بناؤه استخدام ثمانية ملايين قطعة من الطوب، وهو أحد أهم الأمثلة الحية على الطراز المعماري الرومانسي القومي.
أما دوليًا، فلربما أن ما يعرف عن دار البلدية هو تصميمها الداخلي، حيث تستضيف القاعة الزرقاء مأدبة جائزة نوبل كل عام بتاريخ العاشر من ديسمبر/كانون الأول، وتجمع الضيوف من الحائزين على الجائزة، وأعضاء العائلة المالكة، وغيرهم. بعد المأدبة ينتقل الضيوف إلى القاعة الذهبية التي تستضيف حفلاً راقصًا بين جدرانها المغطاة بحوالي 18 مليون قطعة فسيفساء ذهبية.
أكبر سوق لعيد الميلاد في السويد
مع اقتراب فصل الشتاء، وفي منتصف شهر نوفمبر/تشرين الثاني، تتحول مدينة ملاهي ليسيبيرغ إلى سوق ضخم لعيد الميلاد، وتتم إنارة هذا المتنزه الضخم باستخدام حوالي خمسة ملايين لمبة إضاءة.
ثلاث وجهات ترضي جميع الأهواء
ثلاثة معالم سويدية تحتفل كذلك هذه السنة بعيد ميلادها، وهي تقدم أنشطة ترضي جميع الأهواء، من مسار سورملاند للمشي في الطبيعة، إلى المسرح الوطني السويدي المتجول، ومدينة ملاهي ليسيبيرغ.
هل جميع السويديين من هواة الهواء الطلق؟ كلا، ليس جميعهم، غير أن في السويد من الطبيعة ما يكفي لإرضاء جميع هواتها. كيف لا والسويد هو البلد الذي يتمسك بشغف بالحق العام في التجول في الطبيعة؟
استقطب مسار سورملاند للمشي في الطبيعة، واسمه باللغة السويدية «سورملاندليدن»، الزوار من المنطقة وخارجها على مدى الخمسين عامًا الماضية، متيحاً لهم المشي في وسط المناظر الطبيعة الخلابة. يبلغ طول هذا المسار الواقع في جنوب وسط السويد حوالي 1000 كيلومتر تتخللها مناظر طبيعية متنوعة، والعديد من المواقع ذات الأهمية الثقافية والتاريخية.
يتألف المسار من أقسام ذات درجات صعوبة متباينة، ويميزه التنوع الكبير في بيئته الطبيعية، من المساحات الشاسعة المفتوحة إلى الغابات الكثيفة المعتمة، وصولًا إلى شريط ساحلي مشمس، كما تنتشر بحيرات عديدة على طول المسار.
الفنون الأدائية لكل الناس وفي كل مكان. هذا الشعار يلخص ببساطة رسالة المسرح الوطني السويدي المتجول، واسمه بالسويدية «ريكستياتِرن»، الذي يحتفل هذا العام بمرور تسعين سنة على تأسيسه.
انطلقت هذه المؤسسة الثقافية برابطة مسرحية واحدة في بلدة بولنيس سنة 1933. أما اليوم، فتضم الشبكة المسرحية ما يزيد على مائتي رابطة مسرحية على امتداد السويد بأكملها.
ويوفّر ريكستياترن مساحة مهمة لتطوير الأعمال المسرحية الجديدة والتشارك في العملية الإبداعية، ويتمخض عن هذا النشاط سنويًا حوالي ستون عملًا فنيًا تجول السويد كل عام. ولا تقتصر هذه الأعمال الفنية على العروض المسرحية، بل تشمل كذلك عروض السيرك، والرقص، والموسيقى.
وفي مدينة غوتنبرغ الواقعة على ساحل السويد الغربي، توجد أكبر مدينة ملاهي على الإطلاق في منطقة اسكندنافيا، وهذا العام يحتفل هذا المعلم السياحي بمرور مائة سنة على افتتاحه. مدينة ليسبيرغ للملاهي تقدم ما يرضي الجميع، صغارًا وكبارًا، من سيارات التصادم الصغيرة المخصصة للأطفال الصغار، إلى ركوب الأفعوانيات المجنونة القادرة على إخافة حتى عشاق المخاطرة.
من المستحيل اختيار لعبة مفضلة هنا، ولكن إن حالفكم الحظ وقمتم بزيارة ليسيبيرغ في يوم من الأيام، ننصحكم بركوب العجلة الكبيرة، فمن هنا بإمكانكم الاستمتاع بمناظر خلابة لمدينة غوتنبرغ الجميلة.
كاتدرائية لوند
لكن ليكن بعلمكم أن عمر السويد يتعدى الخمسمائة عام!
أحد الأمثلة على ذلك يوجد في مدينة لوند الجامعية جنوب السويد. هنا توجد كاتدرائية لوند التي تحتفل هذا العام بمرور 900 سنة على إنشائها، حيث اكتمل بناء سرداب الكاتدرائية سنة 1123 وافتتح ما يسمى بالمذبح أو الهيكل وهو الجزء المخصص لإحياء الصلوات.
في ذلك الحين، كانت مدينة لوند خاضعة للدنمارك، وكانت الكرسي الأسقفي لشمال أوروبا.
هذه الكاتدرائية الواقعة في وسط المدينة مثال هام على فن العمارة الرومانسي، وقد تمت إعادة بنائها وإعادتها لرونقهاعدة مرات على مر السنين. غير أن أحد أبرز معالمها، وهي أبراجها البالغ طولها 55 مترًا واسمها «لُنّابوغارنا»، لطالما كانت كذلك أحد أبرز معالم مدينة لوند.