تمثال ألفريد نوبل
الصورة:© Nobel Media AB 2015 Pi Frisk

ألفريد نوبل…أغنى متشردي أوروبا

قد يكون ألفريد نوبل الاسم السويدي الأكثر شهرة خلال القرنين الأخيرين إن لم نقل عبر العصور

هذا رغم اختلاط جنسيته على البعض وخصوصاً في دول الشمال الاسكندنافي أمام طغيان شهرة الرجل نفسه وانجازاته وإرثه الموزع بين السويد والنرويج، ودول أوروبية أخرى.

الولادة والنسب

ولد في السويد، وعاش في روسيا. درس الكيمياء والهندسة في فرنسا والولايات المتحدة، وتوفي في إيطاليا. هكذا يمكن لنا أن نختصر سيرة ألفريد نوبل العالم، الأديب،المخترع، المهندس ومؤسس جائزة نوبل الذي أتقن لغات عديدة منذ نعومة أظافره.

في 21 أكتوبر/تشرين الأول 1833 ولد مؤسس جائزة نوبل في العاصمة السويدية ستوكهولم، وينحدر نسبه إلى أولاوس رودبيك عبقري الميكانيك السويدي الأشهر في القرن السابع عشر.

والده ايمانويل كان مهندساً ومخترعاً، بنى الجسور والمباني في ستوكهولم. ووالدته كارولين-اندريتا اَلسيل المنحدرة من عائلة غنية، اضطرت إلى افتتاح محل بقالة لدعم العائلة مادياً عندما أصيبت أعمال زوجها بضربات متلاحقة في العام الذي ولد فيه ألفريد، حيث أعلن ايمانويل نوبل في نهاية المطاف إفلاسه وقرر ترك العائلة المؤلفة من ثلاثة أبناء والأم في السويد، والتوجه إلى فنلندا وبعدها روسيا للبحث عن فرص عمل واستثمار جديدة.

اختراع الديناميت

عن طريق الصدفة ومن خلال حادثة كادت تودي بحياته، اكتشف الفريد أن خلط النتروغليسرين مع الرمل الناعم سيحول السائل غير المستقر سريع الانفجار إلى عجينة يمكن تشكيلها في قضبان، ويمكن بعد ذلك إدراج هذه القضبان في ثقوب الحفر في مواقع مقالع الحجر والمناجم. في العام 1866 حصل ألفريد على حقوق الملكية الفكرية للمادة التي أطلق عليها اسم “الديناميت”. وقد ساهم اختراعه في ذلك الحين بخفض تكاليف أعمال البناء وتفجير الصخور وبناء الجسور وما إلى ذلك من أعمال الإنشاءات.

ازدهار أعماله

تزايدت الطلبات على الديناميت حول العالم لأسباب تنوعت بين الإنشاءات المدنية والإمدادات العسكرية، ولهذا تمكن ألفريد من إنشاء مصانع في 90 مكاناً مختلفاً. عاش في باريس لكنه غالباً ما كان يسافر إلى مصانعه المتواجدة في أكثر من 20 دولة. وكان يوصف في الماضي بأنه “أغنى متشرد في أوروبا”. عمل بشكل مكثف في ستوكهولم، وكارلسكوجا (السويد)، هامبورغ (ألمانيا)، أردير (اسكتلندا)، باريس (فرنسا) وسان ريمو (إيطاليا). كما حصل على 355 براءة اختراع في حياته.

حياته العاطفية

قال ألفريد يوماً “منزلي هو حيث أعمل وأنا أعمل في كل مكان”، هذه المقولة غالبًا ما تقودنا إلى الاستنتاج الصحيح عن حياة الرجل الخاصة التي أثارت الجدل في حياته وبعد مماته. والحقيقة أن ألفريد لم يؤسس عائلة طوال حياته، لكن ذلك لم يمنع من أن يكون للرجل حياته العاطفية القصيرة مع سكرتيرته النمساوية بيرثا فون سوتنر التي حصلت على جائزة نوبل للسلام في العام 1905. لكن كما أسلفنا فإن الحديث عن علاقتهما العاطفية مازال مبهمًا في كثير من جوانبه للمؤرخين حتى يومنا، خصوصًا وأنها تركت العمل لديه بعد فترة قصيرة، وغادرت إلى النمسا للزواج من الكونت آرثر فون ستنر.

 لكن ذلك لم يمنع ألفريد وبيرثا من الاستمرار في علاقة صداقة وتبادل الرسائل عبر السنين. أصبحت بيرثا فون سوتنر لاحقًا من أحد الناشطات في حركة السلام العالمي. وكتبت كتابًا شهيرًا بعنوان “ضع سلاحك”. وعندما كتب ألفريد نوبل لاحقًا وصيته لإنشاء جوائز نوبل، أدرج جائزة للأفراد أو المنظمات التي تروج للسلام في العالم.

وفاته وجائزة نوبل

توفي ألفريد في منزله بمدينة سان ريمو  الإيطالية  في 10 ديسمبر/كانون الأول 1896. وكتب في وصيته أن القسم الأكبر من ثروته سيخصص لتقديم جوائز نقدية لأولئك الذين بذلوا قصارى جهدهم في خدمة البشرية في مجالات الفيزياء، الكيمياء، علم وظائف الأعضاء أو الطب، الأدب والسلام.

لم يكن الجميع سعداء بالكشف عن الوصية، وتمت معارضة إرادته من قبل أقاربه، وحاولت حكومات الدول التي أدار ألفريد نوبل منها أعماله وضع يدها على أمواله. ولقد استغرق الأمر أربع سنوات لكي يقنع مبعوثوه جميع الأطراف بتنفيذ الوصية.

 في عام 1901، مُنحت أول جوائز نوبل في الفيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء أو الطب والأدب لأول مرة في ستوكهولم، وجائزة السلام في أوسلو (عاصمة النرويج) حيث كانت السويد والنرويج دولة واحدة في ذلك الوقت.