بيركا
الصورة: Ola Ericson/imagebank.sweden.se

من هم الفايكنغ؟

شكل عصر الفايكنغ جزءاً أساسياً من تاريخ شمال أوروبا جال الفايكنغ خلاله في القارة الأوروبية وصولاً لغرب آسيا.

معنى كلمة "فايكنغ"

لم يطلق سكان دول الشمال على أنفسهم اسم "الفايكنغ"، فالحقيقة أن هذا الاسم الذي ارتبط بهم لم يظهر في كتب التاريخ حتى القرن العاشر الميلادي. ويعتقد أن أصل الكلمة جاء من كلمة “فيك” بمعنى خليج صغير في اللغة النوردية القديمة، وقد يعود الإسم في تفسير آخر إلى منطقة من النرويج تُسمى فيكين حيث يعتقد بأن أول الحملات العسكرية على أوروبا خرجت من هناك.

مجتمعات الفايكنغ

بعد استيطانهم دول الشمال عاش الفايكينغ في مجموعات صغيرة، ولكل تجمع سيد أو ملك يحكمها، فكان في النرويج وحدها على سبيل المثال نحو 30 مملكة بسبب سيطرة التضاريس الجبلية، التي جعلت هذه المجتمعات منعزلة عن بعضها برياً، فبقي التواصل البحري هو المفضل بين هذه المجتمعات والممالك، ورغم تضاريسها السهلية فلم يكن حال السويد أفضل فكان هناك العديد من الملوك المتقاتلين في السويد، والذين حكموا أجزاء مختلفة، حيث كان هناك الكثير من القتال الداخلي بين مختلف القبائل القوية مثل قبيلتي جيتس والسويد.
وبشكل عام فقد انقسمت مجتمعات الفايكينغ في مختلف المناطق إلى ثلاث طبقات: الأولى هي طبقة النبلاء الأسياد، الأثرياء والملوك، والطبقة الثانية هي طبقة الأحرار، وهم المزارعون، الحرفيون والتجار، والطبقة الثالثة والأخيرة هي طبقة العبيد، وهم إما أرقاء بالميلاد، أو أسرى حرب، واعتمدت هذه المجتمعات على الزراعة، والتجارة براً وبحراً مع الشعوب الأخرى، وأكدوا على مفهوم الشرف، في كل من القتال وفي نظام العدالة الجنائي. والرجل هو السيد في العائلة التي تمتعت فيها المرأة بحقوق كثيرة، منها حق الطلاق. وقد اعتاد أثرياء الفايكنغ الزواج بأكثر من امرأة واحدة.

بين الوثنية والمسيحية

إن السويد لم تكن قوة حربية رئيسية عند الحديث عن الغزوات مقارنة مع النرويج والدنمارك، لكن عاصمة السويد السابقة أوبسالا شكلت في ذلك الزمن مركز ثقل ديني للوثنيين الفايكينغ الذين حجوا إليها من البلدان الثلاثة، وقدموا الأضاحي في معبدها. وكان لهم عشرات الآلهة ذكوراً وإناثاً، من أشهر ثور (بالنورديية القديمة Þórr) الذي ارتبط بالرعد، البرق، العواصف، حماية البشر والخصوبة، بالإضافة لكبير الآلهة وأودين (بالنورديية القديمة Óðinn) ذو الاختصاصات المتعددة، إله الحكمة، الحرب، الموت والصيد.

في المقابل كانت أقوام السويد من الفايكينغ على اتصال مباشر مع الديانة المسيحية في وقت مبكر، بسبب رحلاتهم التجارية التي سبقت غزواتهم العسكرية وواكبتها. وقد بدأت الإمبراطورية الرومانية أول حملاتها التبشيرية لإدخال الديانة المسيحية إلى السويد سنة 829 واستمرت بعدها الحملات التبشيرية في السويد لعدة سنوات رغم الاضطهاد الذي تعرضوا له على أيدي الوثنيين.
وكان إيريك سيغرسيل أول ملك للسويد يعتنق المسيحية إلا أنه عاد للوثنية بعد ذلك في حين أن ابنه أولوف الملقب بـ (سكوتكونونغ) كان أول ملك للسويد يعتنق المسيحية ويستمر بها حتى وفاته حيث عُمد في مقاطعة فيسترايوتلاند سنة 1008 (حين كان يبلغ من العمر 28 عاماً) الأمر الذي لعب دوراً كبيراً في انتشار المسيحية في البلاد، حيث ساهم بتأسيس أبرشية سكارا الشهيرة، كما أسست بعدها العديد من الأبرشيات وبنيت الكنائس في مختلف أرجاء السويد.

الدور العسكري

لم يلعب الفايكينغ السويديين دوراً عسكرياً كبيراً في الغزوات التي شنتها أقوامهم بقصد النهب أو الاستيطان على إنجلترا وأيرلندا واسكتلندا خلال 5 قرون من الزمن مقارنة بأقرانهم الدنماركيين والنرويجيين، في حين أنهم أبحروا شرقاً باتجاه روسيا وفلندا وصولاً إلى غرب آسيا حيث كانت القسم الأكبر من رحلاتهم بهدف التجارة لكنها لم تخلوا من الغزوات.
وكانت بداية عصر الغزوات بهجوم الفايكنيغ النرويجيين على دير جزيرة ليندسفارن الانجليزية في الثامن من يونيو  عام 793، ويمكن أن نحدد أبرز المحطات العسكرية التي شارك بها الفايكينغ السويديون بمشاركتهم النرويجيين في التوسع في الغزوات جنوباً باتجاه البحر الأسود ثم إلى القسطنطينية.

النهاية

إن تحول الدول الثلات إلى المسيحية ديانةً رسميةً يعد  أحد  الأسباب الرئيسية لنهاية عصر الفايكنغ حيث أدانت الكنيسة غزوات الفاكينغ المتكررة التي كان يذهب ضحيتها مسيحيون آخرون مما دفع الفايكنغ  للتوقف عن غزواتهم الدموية لأسباب دينية، كما أن تعزيز الملكوك الألمان، الفرنسيين والانجليز لقدراتهم الدفاعية وإنشائهم جيوشاً منظمة ومجهزة بشكل جيد، حد من قدرة الفاكينغ  على الغزو وجعل منه أكثر خطورة.

ويقدر نهاية عصر الفايكينغ بمنتصف القرن الحادي عشر الميلادي عندما طُرد الملك النرويجي هارالد هاردرادا من انجلترا بعد فشل حملته في استعادة الأراضي التي كان يسيطر عليها هناك وهزيمته في معركة جسر ستامفورد في 25 سبتمبر 1066.