خمس أعلام أمام نافذة.
خمس أعلام ترمز إلى الأقليات الوطنية الخمس الرسمية في السويد. الصورة: Sofia Sabel/imagebank.sweden.se

الأقليات القومية في السويد

توجد في السويد خمس أقليات قومية رسمية، ويحمي القانون السويدي لغاتهم وثقافاتهم.

تتمتع الأقليات القومية في السويد بروابط تاريخية طويلة مع البلاد. وفي عام 2000، اعترفت السويد رسميًا بالأقليات القومية التالية ولغاتها : اليهود واللغة اليديشية، شعب الروما ولغة روماني تشيب، شعب قومية سامي ولغة قومة سامي، الفنلنديون السويديون واللغة الفنلندية، وكذلك التورنيداليون ولغتهم الميانكيلي، والتي تُعرف أحيانًا بإسم «فنلندية وادي تورني».

تم ذلك في إطار تصديق السويد على اتفاقية المجلس الأوروبي لحماية الأقليات والحفاظ على لغاتها (الموقع باللغة الإنجليزية)، و الميثاق الأوروبي للغات الإقليمية أو لغات الأقليات (الموقع باللغة الإنجليزية).

ما المقصود بلغة الأقلية القومية؟

لكي يتم الاعتراف بلغة ما كلغة أقلية قومية رسمية في السويد، يجب أن تستوفي شرطين أساسيين: أولاً، أن تكون لغة وليست مجرد لهجة؛ وثانيًا، أن يكون قد تم التحدث بها بشكل متواصل لمدة لا تقل عن ثلاثة أجيال متتالية أو ما لا يقل عن مئة عام.

في بعض المناطق من السويد، تتمتع شعوب قومية سامي، والفنلنديين السويديين، والتورنيداليين بجذور تاريخية عميقة، ولا تزال هذه المجموعات تستخدم لغاتها على نطاق واسع في حياتها اليومية. وفي تلك المناطق، يحق للأفراد استخدام لغاتهم عند التعامل مع السلطات الإدارية. كما يحق لهم التواصل كتابيًا بهذه اللغات مع بعض الجهات الحكومية الوطنية.

بالإضافة إلى ذلك، يتمتع أطفال الأقليات القومية في السويد بالحق في تعلم لغتهم واستخدامها،

ماذا ينصّ القانون بشأن الأقليات القومية في السويد؟

يهدف قانون الأقليات القومية ولغات الأقليات في السويد، الصادر عام 2009 (الموقع باللغة السويدية)، إلى حماية الأقليات القومية وتعزيز لغاتهم وهوياتهم الثقافية. ويمكن تلخيص جوهر هذا القانون على النحو التالي:

  • السلطات الإدارية مُلزمة بإعلام الأقليات بحقوقهم القانونية.
  • يتحمل القطاع العام مسؤولية خاصة في صون وتعزيز لغات الأقليات، كما يُتوقع منه أن يدعم جهود الحفاظ على الهويات الثقافية لتلك المجموعات وتطويرها.
  • تُلزَم السلطات أيضًا بضمان مشاركة فعلية وفاعلة للأقليات القومية في اتخاذ القرارات التي تمسّ شؤونهم وتؤثر على حياتهم.

يُعد هذا القانون خطوة جوهرية نحو ترسيخ مبادئ المساواة، واحترام التعددية اللغوية والثقافية في المجتمع السويدي.

التورنيداليون

منذ العصور الوسطى، كانت اللغة الفنلندية هي اللغة السائدة في وادي تورن (Tornedalen)، الواقع على ضفاف نهر تورن في أقصى شمال السويد.
وعندما انفصلت السويد عن فنلندا عام 1809، تم ترسيم الحدود بين البلدين على طول مجرى النهر. وفي الجزء الغربي من وادي تورن، الذي أصبح جزءًا من السويد، استقر التورنيداليون، الذين يتحدثون الميانكيلي (Meänkieli)، وهي لغة ترتبط بالفنلندية، والإستونية، ولغة السامي، من بين لغات أخرى.

لفترة طويلة، لم تكن السياسات السويدية تجاه الأقليات تسمح للتورنيداليين باستخدام لغتهم في المدارس، وهو الحال نفسه الذي واجهه شعب السامي والفنلنديون السويديون.
ومع مرور الوقت، بدأت الأوضاع تتحسن تدريجيًا منذ ستينيات القرن الماضي. ومنذ الأول من أبريل عام 2000، أصبح من حق التورنيداليين استخدام لغتهم في جميع البلديات الواقعة ضمن منطقة وادي تورن.

أربع نساء يجلسن حول طاولة يتناولن الطعام ويشربن الشاي. علم شعب الروما يظهر خلفهم.

ألوان علم الروما رمزية: الأزرق يرمز للسماء والقيم الروحية، والأخضر للأرض والعجلة الحمراء للروابط التاريخية مع الهند. الصورة: Sofia Sabel/imagebank.sweden.se

في المدرسة الفنلندية-السويدية في وسط ستوكهولم، يُعتبر ازدواج اللغة هدفًا مهمًا. الصورة: Holger Ellgaard/CC BY-SA 4.0

حقل مزهر بجانب بحيرة وغابة.

أوفرتورنيا، موطن التورنيداليين.
الصورة: Nanaka Adashi/imagebank.sweden.se

المعبد اليهودي باستوكهولم

يقع المعبد اليهودي الكبير في وسط مدينة ستوكهولم. الصورة: Henrik Isaksson/TT

أربع نساء يجلسن حول طاولة يتناولن الطعام ويشربن الشاي. علم شعب الروما يظهر خلفهم.

ألوان علم الروما رمزية: الأزرق يرمز للسماء والقيم الروحية، والأخضر للأرض والعجلة الحمراء للروابط التاريخية مع الهند. الصورة: Sofia Sabel/imagebank.sweden.se

في المدرسة الفنلندية-السويدية في وسط ستوكهولم، يُعتبر ازدواج اللغة هدفًا مهمًا. الصورة: Holger Ellgaard/CC BY-SA 4.0

حقل مزهر بجانب بحيرة وغابة.

أوفرتورنيا، موطن التورنيداليين.
الصورة: Nanaka Adashi/imagebank.sweden.se

المعبد اليهودي باستوكهولم

يقع المعبد اليهودي الكبير في وسط مدينة ستوكهولم. الصورة: Henrik Isaksson/TT

أربع نساء يجلسن حول طاولة يتناولن الطعام ويشربن الشاي. علم شعب الروما يظهر خلفهم.

ألوان علم الروما رمزية: الأزرق يرمز للسماء والقيم الروحية، والأخضر للأرض والعجلة الحمراء للروابط التاريخية مع الهند. الصورة: Sofia Sabel/imagebank.sweden.se

في المدرسة الفنلندية-السويدية في وسط ستوكهولم، يُعتبر ازدواج اللغة هدفًا مهمًا. الصورة: Holger Ellgaard/CC BY-SA 4.0

حقل مزهر بجانب بحيرة وغابة.

أوفرتورنيا، موطن التورنيداليين.
الصورة: Nanaka Adashi/imagebank.sweden.se

المعبد اليهودي باستوكهولم

يقع المعبد اليهودي الكبير في وسط مدينة ستوكهولم. الصورة: Henrik Isaksson/TT

الفنلنديون السويديون

يمتد جذور الفنلنديين السويديين إلى فنلندا، لكنهم يعيشون في السويد، ويُعدّون شعبًا يجمع بين ثقافتين ولغتين. ويُترك لكل فرد حرية تحديد انتمائه إلى هذه الأقلية.

ترجع تركيبة السكان الحالية إلى أسباب تاريخية، تعود إلى القرن الثالث عشر، حين أدّت الحملات العسكرية السويدية في فنلندا إلى خضوعها تدريجيًا للحكم السويدي. وظلّت فنلندا جزءًا من السويد حتى عام 1809، حين انفصل البلدان وأصبحت السويد مملكة دستورية.

ورغم الانفصال، لم تتوقف موجات الهجرة الفنلندية إلى السويد؛ إذ خضعت فنلندا بعد ذلك بفترة وجيزة للاحتلال الروسي. كما تسببت الحرب العالمية الثانية في تهجير نحو 70 ألف فنلندي إلى السويد.
وفي خمسينيات وستينيات القرن العشرين، شهدت السويد موجات هجرة جديدة من فنلندا، غالبًا لأسباب تتعلق بالعمل والفرص الاقتصادية.

اليهود

بدأ اليهود بالاستقرار في السويد أواخر القرن السابع عشر. آنذاك، كانت القوانين السويدية تُلزم اليهود باعتناق المسيحية، وتحديدًا المذهب اللوثري، كشرط للإقامة في البلاد. لكن في عام 1774، وصل إلى السويد رجل يهودي يُدعى «آرون إسحق» قادمًا من ألمانيا، ليصبح أول يهودي يُسمح له بالإقامة دون أن يُجبر على تغيير دينه. وقد أسّس آرون لاحقًا أول جماعة يهودية في ستوكهولم. وفي عام 1870، مُنح اليهود في السويد الحقوق المدنية الكاملة.

وخلال القرن العشرين، هاجر العديد من اليهود إلى السويد من عدة دول، من بينها روسيا، وألمانيا، والنرويج، والدنمارك، والمجر، وتشيكوسلوفاكيا السابقة، وبولندا. وفي عام 1951، أقرّت السويد قانون حرية الدين، مما أتاح لليهود عدم الارتباط بجماعة دينية يهودية كشرط قانوني للهوية الدينية.

أما فيما يتعلق بمشكلة معاداة السامية، فقد أظهر تقرير نُشر عام 2021 (الموقع باللغة الإنجليزية)، يقارن بين عامي 2005 و2020، أن المواقف والتوجهات المعادية لليهود في السويد قد شهدت تراجعًا عامًا.
ومع ذلك، لا تزال هذه الظاهرة تشكل مصدر قلق. وفي عام 2023، أطلقت الحكومة السويدية فريق عمل معنيًّا بالحياة اليهودية في السويد، يركّز على جوانب السلامة والأمن. كما حصلت الجماعات اليهودية على دعم حكومي إضافي لتعزيز إجراءات الحماية حول المعابد اليهودية والمنشآت المرتبطة بها.

شعب الروما

يُقيم شعب الروما في السويد منذ القرن السادس عشر على الأقل، وقد عانوا على مدى قرون من التمييز الممنهج والإقصاء الاجتماعي، نتيجة سياسات التهميش تجاههم.

اليوم، تعمل السويد على تنفيذ خطط عمل وطنية لمكافحة معاداة الروما، إلى جانب التصدي لأشكال العنصرية الأخرى. ويتميّز شعب الروما بأنهم مجموعة شديدة التنوع، منتشرة في دول مختلفة ولا تنتمي إلى ديانة موحدة. وغالبًا ما تستند النظرة السلبية تجاههم إلى صور نمطية تاريخية متوارثة، لا إلى واقع حياتهم أو سلوكهم الفعلي.

وفي عام 2012، أطلقت الحكومة السويدية استراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص بين شعب الروما وغيرهم من المواطنين بحلول عام 2032. وتشمل الاستراتيجية ستة مجالات رئيسية: التعليم، والعمل، الصحة، السكن، الثقافة واللغة، والمجتمع المدني.
ويتمثل الهدف الأساسي في أن يتمتع شباب شعب الروما، بنفس الفرص التي يتمتع بها نظائرهم عند بلوغهم 20 عامًا في عام 2032.

قومية سامي

تُعدّ قومية سامي من الشعوب الأصلية، إلى جانب كونهم أقلية معترف بها رسميًا. وهم لا يقتصرون على السويد فحسب، بل يعيشون أيضًا في فنلندا والنرويج وروسيا. وكما هو حال العديد من الشعوب الأصلية حول العالم، عانى شعب قومية سامي طويلًا من التهميش والقمع الثقافي.

في خمسينيات القرن العشرين، بدأوا باتخاذ خطوات فعّالة للتأثير في السياسات السويدية، من خلال تأسيس جمعيات تهدف إلى حماية حقوقهم وتعزيز هويتهم. ومع مرور الوقت، تطوّر هذا الحراك حتى تمكّنوا من تأسيس برلمان خاص بهم، يُعرف بـ «الساميتينغت» (Sametinget)، والذي تُجرى انتخاباته كل أربع سنوات.

يؤدي برلمان السامي دورًا مزدوجًا، فهو من جهة هيئة تمثيلية (برلمان)، ومن جهة أخرى وكالة حكومية رسمية. ويضطلع بمسؤوليات تتعلق بتوسيع الحكم الذاتي، إلى جانب معالجة قضايا تشمل الصيد، وصيد الأسماك، وتربية حيوانات الرنة، والتعويض عن الأضرار التي تسببها الحيوانات المفترسة، فضلاً عن الحفاظ على اللغة والثقافة السامية.

وفي الوقت الراهن، توجد أربع منظمات رئيسية تعمل على تعزيز الحقوق الوطنية لشعب السامي، وهي: مجلس قومية سامي (Samerådet)، الاتحاد الوطني Same Ätnam (RSÄ)، الاتحاد الوطني للساميين السويديين (SSR)، المنظمة الشبابية «سامينورة» (Sáminuorra).

الأقليات القومية في السويد – كم عدد المنتمين لكل أقلية وأين يعيشون؟

نظرًا لأن السويد لا تجمع البيانات الإحصائية استنادًا إلى العِرق أو الدين، لا تتوفر أرقام رسمية دقيقة لعدد أفراد الأقليات القومية الخمس، بل تقتصر المعلومات على تقديرات تقريبية.

يُقدّر عدد التورنيداليين بنحو 50 ألف شخص، في حين تُعدّ أقلية الفنلنديين السويديين الأكبر عددًا، إذ يتراوح تعدادها بين 400 و700 ألف شخص. أما اليهود فيُقدّر عددهم في السويد بما بين 20 و25 ألفًا، بينما يتراوح عدد شعب الروما بين 50 و100 ألف شخص. ويُقدّر عدد أفراد شعب السامي – السكان الأصليين للبلاد – بين 20 و35 ألف شخص.

ووفقًا لهذه التقديرات، تُشكّل هذه الأقليات مجتمعة نحو 10% من إجمالي سكان السويد.

يعيش معظم أفراد قومية سامي في شمال وشمال شرق السويد، وتُعد هذه الأقلية الأكثر انتشارًا من حيث النطاق الجغرافي.
أما التورنيداليون، فيتركّزون أساسًا في المناطق الشمالية من البلاد.
ويستوطن الفنلنديون السويديون بشكل رئيسي الشمال الشرقي، بمحاذاة الحدود مع فنلندا، مع وجود ملحوظ أيضًا في وسط السويد.
أما اليهود وشعب الروما، فيتسم توزيعهم الجغرافي بالتناثر، وهم متواجدون في مختلف أنحاء البلاد دون تمركز إقليمي محدد.