المعبد اليهودي باستوكهولم
يقع المعبد اليهودي الكبير في في وسط مدينة ستوكهولم.الصورة: Henrik Isaksson/TT

الأقليات القومية في السويد

تعترف السويد بخمس أقليات قومية تشكل جزءاً من التراث الثقافي والحاضر الاجتماعي.

خمس أقليات.. وخمس لغات

توجد في السويد اليوم خمس أقليات قومية هي: قومية سامي، وشعب الروما، والفنلنديين السويديين، واليهود، وشعب التورنيدال. اعتراف السويد بهذه الأقليات يعود للجذور التاريخية التي تجمعهم بالسويد، وبالتالي فإن المنتمين لتلك الأقليات لهم نفس الحق في الاحتفاظ بلغاتهم وثقافاتهم وتطويرها مثل غالبية السكان. تعرضت الأقليات القومية في السويد على مر التاريخ لأشكال مختلفة من التمييز. لذلك، فإن الاعتراف بهم إشارة أن الدولة تتحمل مسؤولية حماية حقوقهم. وقد تم تصنيفهم كأقليات رسمية معترف بها عام 2000 بعد انضمام السويد إلى اتفاقية المجلس الأوروبي لحماية الأقليات والحفاظ على لغاتها.

ولكي يتم اختيار لغة معينة لتكون لغة أقلية وطنية في السويد يجب أن يتوافر فيها شرطان:

  • الأول أن تكون لغة وليست لهجة
  • والثاني أن يتم التحدث بها لثلاثة أجيال متعاقبة دون انقطاع، أو مئة عام على الأقل.

وبالتالي فإن لغات الأقليات الخمس وهي: لغة قومية سامي، ولغة شعب الروما وهي الرومنية «روماني تشِب»، والفنلندية وهي لغة الفنلنديين السويديين، ولغة التورنيدال/ فنلندية وادي تورني «فنلندي/ميانكيلي»، و اليديشية تُعد لغات رسمية في السويد. 

تم اعتماد قوانين خاصة في بعض المناطق في السويد، التي تجمعها جذور تاريخية قوية مع الأقليات القومية، تسمح للأفراد باستخدام لغات قومية سامي والفنلندية وميانكيلي في التعامل مع السلطات الإدارية والمحاكم. للأطفال المنتمون للأقليات في السويد الحق في تلقي التعليم بلغتهم الأم.

القطاع العام في السويد يقع عليه مسؤولية خاصة لحماية وتعزيز لغات الأقليات بل ودعم الحفاظ على الهويات الثقافية للأقليات وتنميتها.

الإحصائات الرسمية

لا تقوم السويد بأي إحصائيات قائمة على أساس عرقي أو ديني لما يحمله ذلك من سمات التمييز العنصري، ولذلك لا توجد إحصائيات رسمية لأعداد كل من هذه الأقليات الخمسة، ولكن يقدر عدد شعب قومية سامي بحوالي 20 ألفًا، والفنلنديين السويديين هم أكبر الأقليات في السويد بتعداد يصل إلى 700 ألف شخص، وشعب التورنيدال بحوالي 70 ألفًا، والروما بعدد يتراوح بين 50 إلى 100 ألف، وعدد اليهود يصل لـ25 ألفًا تقريبًا، وبشكل عام يعتقد أن الأقليات الخمسة تشكل في مجموعها حوالي 10% من إجمالي عدد السكان في السويد.

ينتشر شعب قومية سامي في شمال وشمال شرق السويد، وهي أكثر أقلية انتشارًا من حيث المساحة، أما شعب التورنيدال فيتمركزون في شمال السويد بشكل رئيسي، والفنلنديون السويديون ينتشرون بدورهم في عدة بلديات في الشرق على الحدود مع فنلندا، وفي العديد من البلديات في وسط السويد، أما شعب الروما، واليهود فلا يوجد مكان محدد لانتشارهم.

الوضع القانوني

تتشكل سياسة الأقليات من خلال قانون حكومة الأقليات في السويد لعام 1998، والاتفاقية الإطارية لمجلس أوروبا لحماية الأقليات القومية، والميثاق الأوروبي للغات الإقليمية والأقليات، وهي اتفاقيات ومواثيق صادقت السويد عليها عام 2000.

يُلزم القانون السويدي البلديات بحماية الأقليات، وتوفير كل الدعم لها للحفاظ على ثقافاتها ولغاتها، وتوفير بيئة تعينها على الحفاظ على هوية أطفالها، وأيضاً منح الفرصة لهم للتأثير على القوانين التي تمسهم وتؤثر عليهم وعلى هويتهم، وتعمل الحكومة على مساعدتهم في حماية لغاتهم وتسهيل تعلمها بينهم، ومن ذلك أنه على الدوائر الحكومية توفير الإجابات لهم بلغاتهم الأصلية خصوصاً إن كانوا من شعب قومية سامي، أو السويديين الفنلنديين، أو شعب التورنيدال، ويجب على البلديات أيضاً خصوصاً في أماكن تمركز الأقليات أن تضمن توفر دور رياض الأطفال وخدمات رعاية السن بلغاتهم الأصلية إن طلبوا هم ذلك، وهذا يشجع البلديات أيضاً على توظيف أشخاص على علم وخبرة بهذه الأقليات ولغاتها والذين غالباً ما يكونون أفراداً منهم، كما يجب على البلديات توعية الأقليات بحقوقهم وعدم إهمالها أو تجاهلها.

المعبد اليهودي باستوكهولم

الصورة: Henrik Isaksson/TT

شعب روما

الصورة: Håkan Röjder / Sydsvenskan / TT

واحدة من المناطق التي يمكن فيها لشعب تورنيدال استخدام لغتهم الرسمية الميانكيلي.

الصورة: Torbjörn Lilja/N/TT

زائري سوق يوكمومك

الصورة: Asaf Kliger/imagebank.sweden.se

المعبد اليهودي باستوكهولم

الصورة: Henrik Isaksson/TT

شعب روما

الصورة: Håkan Röjder / Sydsvenskan / TT

واحدة من المناطق التي يمكن فيها لشعب تورنيدال استخدام لغتهم الرسمية الميانكيلي.

الصورة: Torbjörn Lilja/N/TT

زائري سوق يوكمومك

الصورة: Asaf Kliger/imagebank.sweden.se

المعبد اليهودي باستوكهولم

الصورة: Henrik Isaksson/TT

شعب روما

الصورة: Håkan Röjder / Sydsvenskan / TT

واحدة من المناطق التي يمكن فيها لشعب تورنيدال استخدام لغتهم الرسمية الميانكيلي.

الصورة: Torbjörn Lilja/N/TT

زائري سوق يوكمومك

الصورة: Asaf Kliger/imagebank.sweden.se

اليهود

بدأ اليهود في الاستقرار في السويد في نهاية القرن السابع عشر، ولكن قبل عام 1685 لم تكن هناك أي أحكام قانونية في السويد تنظم حقوق وواجبات اليهود، ولذلك صدر قانون كنسي في تلك السنة أجبر اليهود على التحول إلى الديانة المسيحية إن أرادوا البقاء في السويد. وتم العمل بهذا القانون حتي عام 1774.

وفي عام 1782 صدر ما يسمى بالقانون المنظم لشؤون اليهود، والذي أعطى اليهود حقوقًا معينة، ولكن فرض عليهم كذلك عددًا من القيود في ممارسة بعض المهن وفي مكان إقامتهم، كما لم يسمح لهم بالادلاء بشهاداتهم أمام المحكمة باعتبارهم “غير مسيحيين”. وفي البداية تم السماح لهم بالعيش وامتلاك العقارات والتجارة في ستوكهولم أو غوتنبرغ أو نورشوبينغ فقط، وحظرهم من ممارسة معظم الحرف اليدوية والزواج من غير اليهود.

وبعد حوالي 100 عام صدر قرار برلماني في عام 1870 منح اليهود السويديون حقوقًا متساوية لجميع المواطنين مما أدى إلي تحرر للجالية اليهودية السويدية سياسيًا واجتماعيًا واندماج العديد من الأسر السويدية اليهودية بالكامل في المجتمع السويدي.

وفي أوائل القرن العشرين ، هاجر عددًا من اليهود من روسيا إلي السويد وأصبح عدد اليهود في السويد حوالي  6500 وعندما استولى النازيون على السلطة في ألمانيا عام 1933، فر الكثير من اليهود، لكن قلة منهم فقط بقوا في السويد وبين عامي 1945-1946تم إنقاذ حوالي 10 آلاف يهودي من معسكرات الاعتقال النازية إلى السويد، اختار ثلثهم البقاء في السويد.

وبين 1956-1972هاجر 3500 يهودي من المجر وتشيكوسلوفاكيا وبولندا بسبب التيارت المعادية للسامية والاضطرابات السياسية في أوروبا الوسطى والشرقية.

في عام 1951 ، طبقت السويد حرية الدين، مما يعني أن اليهود لم يعودوا بحاجة لأن يكونوا أعضاء في المجتمع اليهودي. في يومنا الحالي، يقدر عدد اليهود في السويد بحوالي 25 ألف، ويوجد عدد من المعابد اليهودية في ستوكهولم وغوتنبرغ ومالمو والبلديات والمدن مثل نورشوبينغ وهلسنغبورغ ولوند وبوروس وأوبسالا. تعتبر معاداة السامية مصدر قلق في السويد وسط إجراءات أمنية تقوم بها المنظمات اليهودية المختلفة.

نهر تورنى
نهر تورني. الصورة: Asaf Kliger/imagebank.sweden.se

شعب تورنيدال

جاؤوا من فنلندا إلى أقصى شمال شرق السويد قبل نحو ألف عام، واستوطنوا مناطق كان يسكنها قومية سامي من قبل على مر القرون. لغتهم «ميانكيلي» هي خليط من الفنلندية والأستونية. وفي الأول من أبريل/نيسان من عام 2000 أصبح لشعب تورنيدال الحق في استخدام لغتهم الخاصة في جميع بلديات مقاطعة تورنيدالن السويدية التي أخذت اسمها منهم.

الفنلنديون السويديون

يجب أن لا نخلط بين الفنلنديين السويديين المقيمين في السويد، والسويديين الفنلنديين المقيمين في فنلندا، والحقيقة أن هذا الاختلاط السكاني له أسبابه التاريخية التي تعود إلى أكثر من سبعة قرون من الزمن، ففي أعقاب الحملات العسكرية التي قامت بها السويد في فنلندا في القرن الثالث عشر، أصبحت فنلندا تدريجيًا تحت الحكم السويدي ولم تنفصل فنلندا عن السويد إلا في العام 1809، مع تحول السويد إلى نظام الحكم الملكي الدستوري.

إلا أن موجات الهجرة الفنلندية إلى السويد لم تتوقف عند هذا التاريخ، فبعدها بفترة وجيزة احتلت فنلندا من قبل روسيا، كما سببت كوارث الحرب العالمية الثانية نزوح نحو 70 ألف فنلندي إلى السويد، وشهد العقدان الخامس والسادس من القرن العشرين موجات هجرة فنلندية كبيرة إلى السويد لأسباب مادية.

ورغم أن نسبة لا تقل عن 4% من سكان العاصمة استوكهولم تحدثت الفنلندية في القرن الثامن عشر، فإن الفنلنديين السويديين اليوم هم واحدة من أكثر الأقليات اندماجاً بالمجتمع السويدي، مع نسبة عالية من الزيجات المختلطة، والتمازج في العادات والثقافة.

شعب الروما

يعيش شعب الروما في السويد منذ القرن السادس عشر . لقرون، عانوا من التمييز والإقصاء ، ويرجع ذلك جزئيًا إلى سياسات التهميش.

أطلقت الحكومة السويدية في عام 2012 استراتيجية طويلة الأجل تهدف إلى تحقيق تكافؤ الفرص لأفراد شعب الروما بحلول عام 2032. وتعتمد الاستراتيجية بشكل رئيسي على قوانين حقوق الإنسان التي تنص على نبذ أي شكل من أشكال التمييز وإعطاء الأولوية للنساء والأطفال.

تتضمن الإستراتيجية أهدافًا وتدابير في عدة مجالات: التعليم؛ والعمل؛ والإسكان؛ والصحة والرعاية الاجتماعية والأمن؛ والثقافة واللغة؛ وتنظيم المجتمع المدني.

قومية سامي

بدأ أفراد قومية سامي بإحداث تأثير في سياسة البلاد في الخمسينيات من القرن الماضي، وذلك بتأسيس جمعيات لحماية حقوقهم، وتطور الأمر حتى حصل أفراد قومية سامي على برلمان خاص بهم يضم 31 عضوًا، تجرى له انتخابات خاصة كل أربع سنوات، وفيه ثمانية أحزاب سياسية كلها من ممثلين قومية سامي، ويمثل حكومة السويد عضو واحد دائم في البرلمان، ويختص البرلمان حالياً بالتعامل مع الأمور المحلية المتعلقة بصيد الحيوانات البرية والأسماك، وقيادة قطعان الرنة التي يعتمد عليها اقتصادهم بشكل رئيسي، والتعويض عن أضرار الحيوانات المفترسة، والحفاظ على اللغة وثقافة قومية سامي، وتعمل الأحزاب السياسية على الحصول على حقوق ذاتية أكبر من ذلك.

وهناك أربع منظمات كبرى تساهم في دعم حقوق قومية سامي بصورة فعالة، وهي مجلس وطني، واتحادان وطنيان، ومنظمة شبابية اسمها سامنوورا.