الحيوان الأخطر في السويد
لا، ليس هو الموظ بالطبع! ولكن من هو يا ترى؟ هيا بنا لإلقاء نظرة عن كثب على الحياة البرية في السويد
مساحات رحبة
إذا كنت شغوفًا بالحياة البرية، فالسويد مكان مناسب لك. إلى جانب الموظ والرنة والغزلان والطيور المختلفة التي يمكنك مشاهدتها دون بذل الكثير من الجهد، تعتبر السويد أيضًا موطنًا لحيوانات مفترسة مثل الدب والذئب والوشق والشره (يسمى أيضًا اللقام أو دب الظربان وأسماء أخرى عديدة).
تجدر الإشارة هنا إلى أن السويد تعد ثالث أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي من حيث المساحة غير أنها تحتل المرتبة الثانية من حيث انخفاض الكثافة السكانية (23.5 نسمة لكل كيلومتر مربع)، وهو ما يعني توافر المساحات الشاسعة، التي تتنوع بين الغابات التي تغطي ثلثي مساحة البلاد، والمنتزهات الوطنية والحياة البرية الخالصة.
يتخيل البعض أن هذه الحيوانات المفترسة تتجول بحرية حتى أنها تصل إلى المدن؛ أي إنها تعيش بيننا بالمعنى الحرفي. وهناك مقولة أسطورية تتردد كثيرًا بشأن وجود دببة قطبية في البراري السويدية. والحقيقة أن هذه المقولة لا أساس لها من الصحة (للمزيد حول الشائعات التي تترد حول السويد انقر هنا)، وهناك عدد قليل جدًا ممن رأوا حيواناً مفترساً يتجول في البرية. إلا أن هناك الكثيرين ممن لا يزالون يخشون تلك الكائنات، ولكن ليس أكثر من خشيتهم منّا نحن البشر. فمن طبيعة الحيوانات المفترسة في السويد تجنب الاحتكاك بالبشر. فهل يشكلون أية مخاطر؟
التوت البري على قائمة الطعام
يعلم الجميع تقريبًا أن حيوانات الوشق والشره لم تؤذ بشراً قط في السويد. وكانت آخر مرة هاجم فيها ذئب أشخاص في البرية في عام 1821، وكان هذا الذئب قد وُلد في الأسر ثم أُطلق سراحه فيما بعد. وعلى الجانب الآخر، فإن الدببة تُعرف بمهاجمة البشر، وحتى قتلهم في العصور الحديثة. وحسب تقرير صادر عن مركز أبحاث الدب البني في دول الشمال الاسكندناڤية، فإن 31 شخصًا قد تعرضوا للهجمات من قبل الدببة في المنطقة الاسكندناڤية بأكملها بين عامي 1977 و2012. وكانت بعض الهجمات قاتلة، وحدثت جميعها أثناء محاولة الاصطياد. و لقد اتضح أن الدببة تفضل في الواقع تناول التوت البري.
أما عن مخاوف البشر، فمن الصعب إن لم يكن من المستحيل وضع حد لها. يقول «بني جيفرت» من مركز «الحيوانات المفترسة، الخمسة الكبار :«بدأت الأساطير التي تُنسج حول الحيوانات المفترسة تترسخ في الأذهان منذ أمد بعيد عبر كتب الأطفال وحكاياهم. كما كان لهذه الحيوانات تأثير تاريخي على حياة البشر، ولا يزال هذا التأثير مستمراً». والتأثير التاريخي الذي يِشير له يرتبط بشكل أساسي بالماشية، وهو السبب الرئيسي في الجدل المثار حول الحيوانات المفترسة لدينا واستمرار الخلاف حولها.
يقول «جيڤرت»: «إنني على قناعة بأن السويد ستكون موطنًا لعدد ضخم من الحيوانات المفترسة في المستقبل البعيد. واتفقت جميع أطراف الخلاف على ضرورة المحافظة على هذا العدد من الحيوانات المفترسة، وضمت هذه الأطراف الصيادين وحماة البيئة. ولكن السؤال الذي يتردد هو كم عدد هذه الحيوانات؟”
لذا لا يتعين على أي شخص بدء الصراع مع الدببة. إلا أن الشعور الدائم بوجود خطرٍ ما أمر لا يمكن تفاديه، حتى بالنسبة لمن لا يحملون البندقية، أليس كذلك؟
الحيوان الأخطر في السويد هو…
لا تمتلك السويد فقط القانون الذي يعرف باسم الحق العام في التجول بالطبيعة، والذي يتيح لنا التجول بحرية في المناطق الطبيعية، بل إلى جانب ذلك فإن هذه الطبيعة تنعم بالأمان. تُلخص «كارين أوستروم» نائب رئيس الجمعية السويدية للمحافظة على الطبيعة المشهد بقولها:
«تحظى السويد بطبيعة ساحرة، وهي متنوعة إلى حد كبير ولا تنطوي على أية مخاطر إلا إذا كنت مصابًا بالحساسية أو فرط الحساسية. إن أخطر ما يكتنف الطبيعة السويدية هي الأشياء التي لا نتحدث عنها كثيراً، وهي الدبابير والنحل».
حيث تتسبب الدبابير في الواقع بمقتل عدد أشخاص يفوق أي حيوان آخر في السويد، وذلك بمعدل شخص واحد سنوياً. لقد لدغتني الدبابير من قبل، وسببت لي بعض الألم، واكتشفت أنني غير مصابة بالحساسية ومن ثم لم أتعرض لأي خطر. تتخذ اللدغات تصنيفًا عالياً بالنسبة لي لأنها تسبب “داء لايم” والتهاب الدماغ الذي ينتقل عبر اللدغ. وتعتبر لدغة أكثر العناكب سُمية في السويد بالنسبة للبشر مماثلة للدغة (البعوضة) الناموسة. كما أن نوع الثعابين السامة الوحيد لدينا لا يشكل مصدر خطر إلى حدٍ ما إذا لم يكن الشخص مصابًا بالحساسية.
مقابلة حيوان مفترس في البرية
يتبين لنا أن السويد تكاد تخلو من المخاطر، على الأقل فيما يتعلق بالحيوانات الخطرة، ونحن لسنا على وشك استبدال الموظ بالدبور في متاجرنا السياحية. ولكن ماذا لو كنت ترغب في رؤية واحد من هذه الحيوانات؟
يقول «جيڤرت» من «مركز الخمسة المفترسة الكبار»: «إن أفضل طريقة هي تأجير شخص محترف في تعقب هذه الحيوانات. حيث يضمن بعضها إلى حد بعيد رؤية الدببة. أما عن الذئب، فتعقبه أو رؤيته ينطوي على تحديات أكبر».
إذا صادفت ذات مرة ذئباً أو دباً أثناء وجودك وحيدًا في البرية، فيجب عليك الابتعاد عنه وأنت تواجه الحيوان, وإصدار ضوضاء مثل الغناء أو التحدث. لا تجري، فهذه الحيوانات أسرع منك بمراحل وقد يستفز هذا الفعل غرائزها الافتراسية. إذا تعقبك أحد الذئاب، فتصنَّع أنك أكبر حجماً وأكثر خطراً، وتقدم نحوه ولا تبتعد عنه. وإذا شرع رغم كل ذلك في مهاجمتك، فهاجمه أنت أيضًا! وإذا تقدم دب نحوك، فألق ببعض متعلقاتك حيث من المأمول أن يلفت ذلك انتباه عنك. وإذا شرع الدب رغم ذلك في مهاجمتك، فاستلق على الأرض موجهًا وجهك للأسفل وقم بحماية رأسك وعنقك.
أخيراً فلا بد من الإشارة عند التجول في المناطق البرية إلى ضرورة الانتباه إلى موسم الصيد في السويد حسب الطريدة والمنطقة، والأفضل في هذه الحالة سؤال الأهالي، وارتداء ألبسة بألوان عاكسة تنبه الصيادين إلى وجودنا كي لا نقع ضحية الخطأ والخلط مع الطرائد.