حفل تقديم جائزة نوبل عام 2022
Foto: Nanaka Adachi/© Nobel Prize Outreach

جائزة نوبل: من السويد إلى البشرية

تقدم سنويًا إلى العلماء والأدباء الذين حققوا أكبر منفعة للبشرية

تتجه أنظار العالم في شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام إلى السويد والنرويج حيث يتم الإعلان عن الفائزين والفائزات بجوائز نوبل لذلك العام. أما احتفال تسليم الجوائز فيُقام في العاشر من ديسمبر/كانون الأول من كل عام من بين عدد من الفعاليات الأخرى يتم تنظيمها ضمن أسبوع نوبل، تقديرًا للفائزين والفائزات من العلماء والأدباء، الذين حققوا أكبر منفعة للبشرية. تُمنح جوائز في مجالات الفيزياء، والكيمياء، وعلم وظائف الأعضاء/الطب، والأدب، والسلام.

وفي عام 1968، قام البنك المركزي السويدي (Sveriges Riksbank) بمنح جائزة العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل بعد التبرع الذي قدمه البنك المركزي لمؤسسة نوبل في عام 1968 بمناسبة الذكرى الـ 300 لتأسيس البنك.

تتكون الجائزة من دبلومة نوبل وميدالية ذهبية ومبلغ مالي. تم تحديد المبلغ المالي لجائزة نوبل لعام 2023 ليكون 11 مليون كرونة سويدية (SEK) لكل جائزة من جوائز نوبل الخمس.

آلية اختيار الفائزين
تختار الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم في ستوكهولم الفائزين بجوائز الفيزياء والكيمياء والعلوم الاقتصادية، وتمنح لجنة نوبل بمعهد كارولينسكا في العاصمة ستوكهولم جائزة نوبل في علم وظائف الأعضاء أو الطب، بينما تمنح الأكاديمية السويدية في ستوكهولم جائزة نوبل في الأدب. وينتخب مجلس الأمة النرويجي لجنة نوبل النرويجية التي تقوم بمنح الجائزة عن فئة السلام، وقد كانت تلك مهمة البرلمان السويدي في السنوات الأربع الأولى من عمر الجائزة، قبل انفصال النرويج عن السويد.

يتم الترشيح لجائزة نوبل من قبل الأفراد والمؤسسات لغيرهم فقط، من خلال تقديم ترشيحات مكتوبة. أما الترشيح الذاتي والمباشر للجائزة فيؤدي لإلغاء الترشيح بشكل تلقائي. ويمكن القول هنا أن للجائزة هيبة خاصة بها، نابعة من آلية اختيار الفائزين، إذ تبدأ عملية الفرز والاختيار مع بداية العام أي قبل عشرة أشهر من منح الجائزة. وتعلن المؤسسات المانحة للجائزة عن بدء الترشيح عن طريق دعوتها لاقتراح ستة آلاف مُرشح، ألف مُرشح لكل فئة، ويتم اختيار ما بين مئة ومئتين وخمسين من مرشحي كل فئة من فئات الجوائز.
ويجب على أعضاء اللجان تقديم مقترحات مكتوبة تشرح بالتفصيل مدى جدارة المرشحين. كما أن الأكاديمية السويدية، التي تمنح جائزة نوبل للآداب، لا تقبل إلا الأعمال المطبوعة التي أجمع النقاد على تميُزها. ويتم اختيار الفائز تبعاً لأعماله الكاملة، وليس اعتماداً على عمل واحد.
تبدأ اللجان عملها في بداية شهر فبراير/شباط من كل عام، وقد تلجأ إلى الاستعانة بمستشارين خارجيين للمساعدة في تحديد أهمية وجدارة كل مرشح.

وخلال شهر سبتمبر/أيلول، وبداية أكتوبر/تشرين الأول تكون اللجان قد حسمت خياراتها، وقدمت للمؤسسات المانحة لكل جائزة توصياتها، لكن ذلك لا يعني الإلتزام بتوصيات اللجان، حيث تحدث مداولات داخل المؤسسات المانحة بعد ذلك، علمًا أن جميع تلك المراحل تتمتع بالسرية التامة.

مأدبة نوبل
مأدبة نوبل. الصورة:© Nobel Media AB 2015. Photo: Alexander Mahmoud

الجائزة و الاحتفاليات
قد يصل عدد الفائزين بالجائزة الواحدة عن كل فئة إلى ثلاثة أشخاص، وعندها يتم تقسيم مبلغ الجائزة بينهم، لكن المساواة في تقاسم الجائزة لا تعد شرطًا.
أما دبلومة نوبل هي عمل فني فريد ذات تصميم يختلف سنويًا، وتحدده الهيئات المانحة لجوائز نوبل الست. فعلى سبيل المثال، دبلومة نوبل للأدب تكتب على نوع خاص من الجلود، باستخدام نفس أسلوب العصور الوسطى. يمكنكم رؤية بعض الأمثلة لتصميم دبلومة نوبل (هنا).

يقام حفل توزيع جوائز نوبل في العاشر من ديسمبر/كانون الأول في قاعة ستوكهولم للاحتفالات، الموافق لذكرى وفاة ألفرد نوبل. كما يجري تسليم جائزة نوبل للسلام في العاصمة النرويجية أوسلو في نفس اليوم.
وبحسب التقليد المتبع، يجلس الحائزون على الجوائز بصحبة شركائهم كضيوف شرف مع العائلة المالكة في مأدبة نوبل التي تُقام في الصالة الزرقاء بمبنى بلدية ستوكهولم وتتميز هذه المأدبة بالطابع الرسمي. كما تتم دعوتهم إلى عشاء في القصر الملكي، حيث يقابلون العائلة الملكية مجددًا. أما زيارة مؤسسة نوبل فهي حدث رمزي كبير، حيث يوقعون في سجل الزوار، ومن ثم تُضاف أسمائهم على سجل الفائزين بجائزة نوبل.

تمثال ألفريد نوبل
الصورة:© Nobel Media AB 2015 Pi Frisk

تاريخ الجائزة

في عام 1888 توفي لودفيج نوبل شقيق ألفرد الأكبر، إلا أن الصحف خلطت بين الشقيقين، فنشرت إحدى الصحف الفرنسية على صفحتها الأولى خبر بعنوان: «مات تاجر الموت»، للتنديد بألفرد نوبل لاختراعه الديناميت عام 1867، بسبب ما نتج عن نقل استخدامه من مجالات الإنشاءات وحفر المناجم إلى ساحات المعارك، حيث قتل وأصيب الكثيرون. كما وعنونت صحيفة أخرى الخبر: «الدكتور ألفرد نوبل، الذي أصبح غنيًا من خلال إيجاد طرق لقتل المزيد من الناس أسرع من أي وقت مضى، تُوفي بالأمس».

حين قرأ ألفرد نوبل خبر وفاته في الصحف على تلك الشاكلة المحتفلة بموته، أصيب بحزن عميق. إذ كان يؤمن بالوجه الجيد والمفيد لاختراعه للديناميت ويثق بالجانب الإنساني لدى البشر. فقد اعتقد أن استخدام الديناميت في ساحات الحروب سيؤدي للسلام.

فهو القائل :«عندما يلاحظ العالم مقدار القتل الذي يتسبب به استخدام الديناميت، وقدرته على إبادة جيش كامل في معركة واحدة، سيتجه بكل تأكيد نحو السلام.»

أصبح هاجس الإرث الذي سوف يتركه خلفه، وكيف سيتذكره الناس منذ واقعة الخبر الصحفي الخاطئ، شُغل ألفريد الشاغل. وفي 27 من نوفمبر/تشرين الثاني 1895، طلب من أصدقائه التوقيع على النسخة الأخيرة من وصيته في مقر النادي السويدي النرويجي بباريس الذي يعرف الآن بالنادي السويدي، بعد انفصال النرويج عن السويد في عام 1905.

في تلك الوصية، قام ألفرد بتخصيص نحو 94% من ثرواته واستثماراته البالغة أكثر من 31 مليون كرونة سويدية، وهو مبلغ كبير جدًا في ذلك الوقت، لتأسيس 5 جوائز تمنح سنويًا، دون التمييز في جنس أو جنسية الشخص «الذي قدم أكبر منفعة للبشرية» في المجالات الخمس المذكورة أعلاه. أما الجائزة السادسة في العلوم الاقتصادية، فقد قام بنك السويد المركزي بانشائها في عام 1968 تخليدًا لذكرى ألفرد نوبل، وتقوم تلك الجائزة على تبرع تلقته مؤسسة نوبل من البنك المركزي بمناسبة مرور 300 عام على تأسيسه.

تأسيس الجائزة
 توفي العالم السويدي ألفرد في 10 ديسمبر/كانون الأول، إثر جلطة دماغية في منزله بمدينة سان ريمو الإيطالية، وقد استغرق تأسيس الجائزة ومنحها لأول مرة خمس سنوات من النضال من قبل أصدقائه، حيث تم منح أول جائزة نوبل في عام 1901.
فقد أدى الكشف عن الوصية إلى الكثير من الشكوك والنقد، وفي 26 من أبريل/نيسان 1897 رفض البرلمان السويدي تنفيذ وصية ألفريد، في وقت كانت السلطات الفرنسية، تحاول وضع يدها على أملاكه لضمان تحصيل الضرائب، حيث كانت فرنسا مقرًا لأعماله. كما وكانت لدى الملك أوسكار الثاني شكوكه حول جائزة يطلب منه صاحبها أن يسلمها إلى أشخاص غير سويديين.
لكن في نهاية الأمر استطاع السفراء الذين عينهم ألفرد للمهمة أن يقنعوا مختلف الأطراف بتنفيذ الوصية، بمن فيهم ورثة ألفرد، الذي عارض قسم منهم أن تفقد معظم تلك الثروة من بين أيديهم.
وفي عام 1900 صدر قانون عن الملك أوسكار الثاني بتأسيس مؤسسة جائزة نوبل، وقد داوم ملوك السويد اعتباراً من عام 1902 على حضور وتسليم جوائز نوبل في ستوكهولم لمعرفتهم بأهمية معنى و قيمة الجائزة.

تبقى أسماء الفائزين طي الكتمان والسرية حسب الوصية، إلى أن يتم إعلانها في شهر أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، أما الجوائز فتُوزع جميعها في شهر ديسمبر/كانون الأول في حفل كبير بحضور العائلة الملكية السويدية في العاصمة السويدية ستوكهولم، ما عدا جائزة السلام، فقد أوصى نوبل أن تكون أوسلو مركزاً لها. ولا يعلم أحد لماذا اختار ألفرد العاصمة النرويجية لذلك.

الحاصلون على الجائزة من الدول العربية
منذ انطلاق احتفال جائزة نوبل في عام 1901 حتى عام 2023، تم توزيع الجائزة في المجالات الخمس، بالإضافة إلى جائزة العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل 621 مرة على 992 من الأفراد والمنظمات، لمساهماتهم في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام والعلوم الاقتصادية في العالم، حيث مُنحت 965 جائزة للأفراد، بينما حصلت المنظمات على 27 جائزة. وكان نصيب الدول العربية ثمانية جوائز:

2018: فازت الناشطة العراقية الإيزيدية نادية مراد بجائزة نوبل بالسلام بالتقاسم مع طبيب النساء الكونغولي دينيس مكويغي لجهودهما لإنهاء استخدام العنف الجنسي كسلاح في الحروب والنزاعات المسلحة.

2015: حاز الرباعي الراعي للحوار الوطني التونسي على جائزة نوبل للسلام, وذلك لدورهم في دعم مسار الانتقال الديمقراطي في تونس.

2011: حازت اليمنية توكل كرمان وهي أول جائزة لامرأة عربية للناشطة بالتقاسم مع إلين جونسون سيرليف وليما غبوي من ليبيريا، لـنضالهن السلمي لحماية المرأة وحقها في المشاركة في صنع السلام.

2005: فاز المصري محمد البرادعي الرئيس السابق للهيئة الدولية للطاقة الذرية بجائزة نوبل للسلام بالتقاسم مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية «لجهودهما لمنع استخدام الطاقة النووية للأغراض العسكرية ولضمان استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية بأكثر الطرق أمانًا».

1999: حصل الكيميائي المصري الأمريكي أحمد زويل على جائزة نوبل في الكيمياء لأبحاثه في مجال كيمياء الفيمتو، وهو أول مصري وعربي ينال جائزة نوبل في مجال علمي والوحيد حتى الآن.

1994: حاز على جائزة نوبل للسلام الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بالتقاسم مع إسحاق رابين، وشمعون بيريز بعد اتفاق أوسلو 1994.

1988: حصل الكاتب المصري نجيب محفوظ على جائزة نوبل في الأدب.

1978: الرئيس المصري محمد أنور السادات بعد توقيعه لاتفاقية كامب ديفيد، وقد حصل السادات على جائزة نوبل للسلام بالتقاسم مع رئيس وزراء اسرائيل مناحم بيجن.