الأطفال في السويد
كانت السويد أول دولة في العالم تشرع قانونًا يجرم العنف الجسديّ ضدّ الأطفال في عام 1979.
التشريعات القانونية
منذ اقرار قانون عام 1979، والذي ينص صراحةً على أنه “لا يمكن للوالدين في المنزل أو المعلمين في المدارس استخدام أي نوع من أنواع العنف في تربية الصغار، أو حتى التعامل معهم بأساليب مُهينة”، فإن ضرب الطفل يعتبر جريمة يعاقب عليها القانون، ولم يكن الغرض من إقرار القانون بهذه الطريقة وضع الآباء والمربّين في زاويةٍ ضيقة، ولكن كانت هناك رغبة قوية من الحكومة بدفع المجتمع لتغيير أساليب التعامل مع الأطفال، حيث كان الضرب من الأساليب المنتشرة في التربية في السويد، وتقدر بأن تسعة من كل عشرة أطفال كان يتم ضربه تأديبيًا في المنزل في ستينات القرن الماضي.
وتبعاً لهذا التوجه كانت السويد من أوائل الدول التي وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل عام 1989 وتطبيق بنود هذه الاتفاقية داخل السويد، وقد صوت البرلمان السويدي (ريكسداغ) على أن تتحول اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل بكل بنودها الـ54 قانوناً نافذاً في السويد مع بداية عام 2020.
من المعتاد في السويد أن يكون للأم والأب حياة عملية، حيث تقدر نسبة الآباء الذين لديهم عمل بحوالي 92% من إجمالي الآباء، وتقدر نسبة الأمهات الذين يذهبون للعمل بحوالي 81% من إجمالي الأمهات، وحتى يتم توفير رعاية جيدة للطفل في ظل هذه الظروف فقد أقرت الحكومة إجازة للوالدين مقدارها 480 يوماً مدفوعة الأجر، يتم تقسيمها بينهما بنظام معين، وتبقى متاحة للوالدين للاستفادة منها حتى يصبح عمر الطفل ثمانية سنوات.
الهيئات الحكومية
كما أسست حكومة السويد عام 1993 هيئة حكومية متخصصة بحقوق الطفل تسمى أمبودسمان المختص بشوؤن الطفل (Barnombudsmannen)، وتعمل هذه الوحدة كممثل للأطفال ومحامية عن حقوقهم، ومن مهام هذه الهيئة متابعة تفاصيل تطبيق قوانين حماية الأطفال في مختلف الأنظمة والدوائر الحكومية والبلديات. وتقوم هذه الوحدة سنوياً بتقديم تقرير للحكومة عن وضع الأطفال في السويد، بالإضافة إلى تقديم توصيات لتطوير وضع الطفل وحماية حقوقه بشكل أفضل.
وفي حين تختص أمبودسمان حقوق الطفل بالأنظمة والقوانين، فإن مؤسسة الشؤون الاجتماعية هي المعنية بالتدخل والمتابعة في حال وجود حالات عنف ضد الأطفال، وتقوم الشؤون الاجتماعية حينها بدراسة الحالات التي ترد إليها، ومساعدة الأهالي للتعامل مع أطفالهم بشكل أفضل، وفي بعض حالات العنف الأسري قد تضطر الشؤون الاجتماعية إلى حماية الطفل من والديه بالتنبيه أو حتى أخذ الأطفال منهم، وقد تستعين بالشرطة في تنفيذ ذلك لو تطلب الأمر.
الأطفال والأسرة
الحياة العائلية المستقرة مهمة للأطفال، ولكن حياة الأطفال لا تبدأ في عائلة أحياناً، أو لا تستمر فيها، حيث أن 90% من الأطفال في السويد يكونون مع أبيهم وأمهم في بداية حياتهم بعد الولادة، و10% يكونون مع أحدهما فقط أو بدونهما، ولكن حتى مع ذلك فإن انفصال الوالدين أمر وارد، ولذلك فإن 74% من الصغار ينشؤون مع والديهم، في حين ينشأ 26% منهم في بيئة انفصل فيها الوالدان عن بعضهما البعض.
وفي حالة الانفصال فإن كلا الوالدين مُـلزمان بإعالة أطفالهما، وإذا كان الطفل يسكن مع أحد والديه فيجب على الوالد الآخر أن يدفع ما يسمى نفقة الأطفال. كما يحق لجميع الأطفال أن يكونوا على اتصال شخصي ومنتظم مع كلا الوالدين. وغالباً ما ينتهي الانفصال بتسوية الحضانة المشتركة فيما يخص الأطفال، والتي تعني أن الوالدين معاً يتحملان مسؤولية الطفل وأن يتخذا القرارات المتعلقة بحياته، وتكون الحضانة الفردية عادةً استثناءً يتعلق بعدم أهلية أحد الوالدين في الوصاية على الطفل لأسباب تتعلق بالعنف تجاه الطفل، أو أن يكون محكوماً عليه بالسجن.
الحق في التعليم
باستثناء دور الحضانة للأطفال بين عمر السنة والخمس سنوات التي تُمولها الحكومة بشكل جزئي من عائدات الضرائب، ويدفع الأهل منها قسطاً حسب دخل الأسرة الشهري، فإن الدراسة في السويد إلزامية ومجانية في مرحلة التعليم الأساسي التي تمتد لـ10 سنوات، ومرحلة الدراسة الثانوية التي تمتد لـ3 سنوات والتي لا تعتبر إلزامية.
وتجدر الإشارة أيضاً إلى حق الأطفال الذي يتحدثون في البيت لغة أخرى غير السويدية أن يحصلوا على تعليم اللغة الأم. فمن المهم للأطفال أن يتعلموا لغتهم الأم كي يستطيعوا أن يتطوروا بسهولة، ويتعلموا اللغة السويدية بشكل صحيح.
وهناك فئة من المدارس خاصة بذوي الاعاقة من الأطفال تقدم مناهجها التعليمية بأسلوب ميسر، ليتكيف مع احتياجاتهم وخصوصيتها. حيث يتم تقييم احتياجات التلاميذ بواسطة فريق متعدد التخصصات، وتجرى اختبارات الطبية والاجتماعية والنفسية والتربوية لهؤلاء الأطفال عند تقدمهم للانتساب لهذه المدارس. وبمجرد اكتمال البيانات الخاصة بكل طالب يسمح لهم بمباشرة حضور البرامج الخاصة بكل حالة، فهناك على سبيل المثال برامج بلغة الإشارة للتلاميذ الذين يعانون من ضعف شديد في السمع، وأخرى لمن يعانون من صعوبات التعلم. ويجب التنويه هنا إلى أن الانتساب لهذه المدارس أمر تطوعي. فإذا فضل الطالب الانتساب إلى مدرسة عادية فله حرية الاختيار.
جمعيات ومؤسسات لدعم الأطفال
هناك العديد من الجمعيات والمؤسسات التي تعمل على حماية الصغار ودعمهم في السويد، وبعضهم يوفر للأطفال خدمة التواصل لتقديم النصح والمساعدة. من الجمعيات السويدية الشهيرة جمعية حقوق الأطفال في المجتمع (BRIS) والتي توفر خدمة الرد المباشر عبر الهاتف، أو المحادثة عبر الإنترنت، أو الإيميل، وبدأت هذه الجمعية أعمالها عام 2013، ومنذ ذلك الحين حتى الآن قدمت أكثر من 19 ألف استشارة للصغار والمراهقين في جميع أنحاء السويد.
مؤسسة الأصدقاء Friends تهتم بقضايا التنمر بين الأطفال، وبالأخص في المدارس، وهي مؤسسة غير حكومية وغير ربحية، بدأت هذه المؤسسة أعمالها عام 1997، وعملت منذ ذلك الحين وحتى الآن مع أكثر من 1500 مدرسة في السويد. أما مؤسسة “أنقذوا الأطفال ـ السويد” Save the Children Sweden فهي تهتم بحماية حقوق الأطفال عامة، ولديها حالياً أكثر من 75 ألف عضوة وعضو.