قومية سامي
من الشعوب الأصلية وإحدي الأقليات الخمس المُعترف بها في السويد.
تسكن قومية سامي منطقة شمال الدول الاسكندنافية في السويد و روسيا وفنلندا والنرويج، والتي تُعرف عندهم باسم سابمي(Sápmi).
لا توجد أي إحصاءات رسمية لعدد قومية سامي، لكن تُقدَر أعدادهم في المجمل ما بين 80 و 100 ألف نسمة في منطقة سابمي، منهم حوالي ما بين 20 إلى 40 ألف في السويد، و حوالي 50 إلى 65 ألف في النرويج، وحوالي 8 آلاف في فنلندا، وألفين في روسيا.
قومية سامي مُعترف بها من قبل الأمم المتحدة كشعب أصلي وهم كذلك إحدى الأقليات الخمس المُعترف بها في السويد، مما يعني أن لديهم حقوقًا خاصة وأن ثقافتهم وتقاليدهم ولغاتهم محمية بموجب القانون في السويد.
الرنّة مصدر رزق قومية سامي
الرنّة هو الحيوان الرئيسي في شمال السويد، والذي ارتبط ارتباطاً تاريخياً بقومية سامي، حيث اعتمدوا عليه في غذائهم، ولباسهم، وتجارتهم.
يوجد في السويد حوالي 280 ألف حيوان رنة، وتستخدم قومية سامي حالياً دراجات الثلج النارية والمركبات المناسبة للثلج لقيادة القطعان، أو الشاحنات لنقلها إلى مراعي جديدة، في حين كانوا في الماضي يرتحلون مع قطعان الرنة مع أولادهم وأسرهم مشياً على الأقدام أو على الزحافات.
وحالياً يشتغل حوالي 10% من قومية سامي في رعي حيوانات الرنة والصناعات القائمة عليها، كما يدمج الكثير منهم مع ذلك أعمالاً أخرى كالسياحة، وصيد السمك، وبعض الحرف اليدوية، أو التجارة.
وقد حدثت سابقًا نزاعات ما بين أصحاب الأراضي وما بين ملّاك الرنة تتعلق بأماكن الرعي، وصدر بالتالي قرار من المحكمة العليا السويدية عام 2011 والذي حكمت فيه لصالح شعب سامي بمنحهم حقوقاً قانونية عامة في منطقة معينة، وقد يكون هذا القرار هو الأكثر أهمية فيما يخص الحقوق القانونية لأقلية سامي في العصر الحديث.
لغات قومية سامي
تتحدث قومية سامي عدة لغات تنقسم في مجملها إلى ثلاث لغات رئيسية: اللغة الشرقية، والجنوبية، واللغة الوسطى التي تعد أكثر اللغات انتشاراً.
وتنقسم لغة قومية سامي الوسطى إلى لهجتين، اللهجة الشمالية الشائعة بين أهل أقصى الشمال، ولهجة لوله سامي الشائعة في شمال السويد كمدينة يوكموك الشهيرة بسوق الشتاء للحرف اليدوية .
فعلياً تتحدث أغلب قومية سامي اللهجة الشمالية، حيث يتكلم بها حوالي ١٥- ١٧ ألفاً منهم، و يعيش خمس أو ستة آلاف منهم في السويد. وقد انتشرت اللهجة الشمالية في مناطق تتحدث بلهجات أخرى كلهجة لوله سامي ولغة سامي الجنوبية وذلك حينما قامت الحكومة السويدية بترحيلهم من المناطق الشمالية إلى تلك مناطق في ثلاثينيات القرن العشرين.
ولغات قومية سامي لغات ثرية، فهناك على سبيل المثال أكثر من 300 طريقة مختلفة لقول كلمة “الثلج”، بدءاً من الثلج المُتحجر إلى الثلج الذي يشبه سكر البودرة. وبالرغم من أن اللغة غنية بالكلمات الوصفية إلا أنها لا تعبر عن الجنس، حيث يمكن للضمير الواحد أن يعني اسم إشارة للمؤنث أو المذكر أو للحيوان أو للجماد.
لغة قومية سامي المكتوبة لم يكن بينها وبين الأبجدية السويدية أي ارتباط حتى عام 1950. وأصبحت لغة قومية سامي مادة تدرس في المدارس السويدية في عام 1962، وطُبعت التعليمات الخاصة بقواعد الإملاء عام 1979، وقد يكون ذلك أحد الأسباب لعدم معرفة كبار السن من قومية سامي قراءة أو كتابة لغتهم.
تم الاعتراف بلغة قومية سامي كواحدة من لغات الأقليات الرسمية في السويد عام 2000 ، كما منحت الحكومة السويدية البرلمان الخاص بقومية سامي نفوذاً ومصادر مالية لتساعدهم على جهودهم في الحفاظ على لغاتهم.
مدارس خاصة بهم
توجد في شمال السويد خمس مدارس ابتدائية خاصة بقومية سامي حتى عمر الثانية عشر، و تعمل هذه المدارس للحفاظ على لغات قومية سامي وتعليمها للأجيال الجديدة. كما توجد مدرسة ثانوية واحدة خاصة بهم في مدينة يوكموك أقصى شمال السويد، ويتم فيها تدريس تربية حيوان الرنّة، والطبخ التقليدي، والحرف اليدوية.
تقدم بعض الجامعات في السويد دورات خاصة في لغات قومية سامي مثل جامعة أوميو وجامعة أوبسالا، كما يوجد مركز أبحاث في جامعة أوميو مختص بالأبحاث المتعلقة بثقافة قومية سامي، ولغاتهم، وتاريخهم، ومجتمعاتهم.
تاريخ من الاضطهاد
لقد نجحت ثقافة وأسلوب حياة قومية سامي في الاستمرار ضمن نسيج المجتمع المعاصر حتى وقتنا الراهن، رغم خسارة الأراضي لصالح المزارعين والصناعات، ورغم الخضوع لمرحلة من العنصرية العلمية، وقمع ديانة وثقافة ولغة هذه القومية.
فبالرغم من أن قومية سامي يستوطنون منطقة سابمي منذ آلاف السنين، إلا أنهم واجهوا أنواعًا من الاضطهاد في السويد، تعود بدايتها إلى القرن الرابع عشر والخامس عشر حينما تم فرض ضرائب عليهم من قبل الحكومة السويدية التي سيطرت على المنطقة، واستمرت في زيادة الضرائب عليهم.
وحينما اكتشفت الدولة منجماً للفضة في الأراضي التي تستوطنها قومية سامي في القرن السابع عشر، فُرض عليهم العمل في نقل الفضة بالقوة واستخدام حيوان الرنة في ذلك، مقابل أجور زهيدة جداً، مما عرضهم إلى أزمة اقتصادية دفعت بالبعض إلى التسول، والبعض الآخر إلى الهروب للنرويج أو إلى مناطق أبعد في الشمال. واضطر بعض من بقي من ملاّك قطعان الرنّة إلى مضاعفة قطعانهم حتى يتمكنوا من العيش.
وفي أواخر القرن السابع عشر بدأت الحكومة السويدية في العمل على إغراء قومية سامي بترك موطنهم والانتقال إلى مناطق أخرى مقابل إعفاءات ضريبية، الأمر الذي لم يتم بسبب توالي اندلاع الحروب. واستمرت الحكومة في القرن الثامن عشر في العمل على ترحيل قومية سامي من الأرض التي استوطنها، وخلال ذلك أيضاً قامت ببناء كنائس وأجبرتهم على المشاركة في الشعائر الكنسية بالرغم من أن قومية سامي لم تكن تدين بالمسيحية. كما تم منع جميع المظاهر والاحتفالات الخاصة بهم.
وفي القرن الثامن عشر شاركت المحاكم في هذا الاضطهاد، فعندما كانت تمنح المحاكم المزارعين حقوق ملكية على أراضيه، كانت ترفض الدعاوى المشابهة التي تكون لصالح قومية سامي. كما انتشر الاهتمام في أواخر القرن الثامن عشر بعلم الإنسان وتصنيف البشر بما في ذلك قياس حجم الرأس والجمجمة. فقام بعض العلماء السويديين بقياس جماجم الكثير من قوم سامي الذين امتازوا في نظر العلماء بقصر جمجمتهم بالمقارنة بالسويدين، وذلك لاعتقادهم بأن طول الجمجمة يتناسب مع نُبل السلالة بل وقاموا أيضاً بنبش قبور قوم سامي وقياس جماجم الأموات منهم في خطوة اعتبرها الكثيرون أنها عنصرية.
استمر التعامل أيضًا مع قوم سامي على أنهم شعب همجي ومتخلف وقد أجبرهم هذا الاضطهاد المتواصل على مر السنين إلى مغادرة الأراضي التي استوطنوها، أو التحول إلى الزراعة أو التجارة، أو التسول، ولم يتغير الحال إلا قبل نهاية القرن، حيث تم الاعتراف بهم كأقلية لها حقوقها في عام 1977.
ثمة نزاع تاريخي بين حقوق الرعي الخاصة بمزاولي مهنة رعي الرنّة، وأصحاب حقوق الاحتطاب. وفي عام 2011 حكمت المحكمة العليا لصالح قومية سامي، فمنحتهم حقوقاً نابعة من القانون العام لمساحات معينة من الأراضي، ولعل هذا كان الحُكم الأهم في التاريخ المعاصر، فيما يتعلق بقضايا قومية سامي المتصلة بالقانون.
برلمان قومية سامي: طموح في سلطة أكبر
بدأت قومية سامي في الخمسينيات من القرن الماضي بالعمل على نيل حقوقهم السياسية بتأسيس جمعيات خاصة بهم، وتطور الأمر حتى أصبح لهم برلمانًا خاصًا بهم يسمى (Sametinget) عام 1993.
تُجرى انتخابات برلمان قومية سامي كل أربع سنوات، ويضم البرلمان 31 عضوًا ينتمون إلى ثمانية أحزاب مختلفة. ويجتمع البرلمان ثلاث مرات فقط كل عام في أماكن مختلفة حول السويد، ويتم تمويل البرلمان من قبل الحكومة السويدية، وللحكومة السويدية سياسي واحد دائم في هذا البرلمان.
وجود برلمان قومية سامي هو في المقام الأول اعتراف بهم كشعب أصلي له القدرة على اتخاذ قراراته الخاصة به، ومهمته الرئيسية هو العمل على إحياء ثقافة قومية سامي وكذلك حماية و تطوير وتنسيق الأمور والمسائل الضرورية لهم.
تُمَثل قومية سامي أيضاً مجلس قومية سامي وهي هيئة غير حكومية تأسست عام 1956 و تتكون من تسع منظمات مساهمة في منطقة سابمي. وتسعي هذه المنظمات للعمل على تعزيز حقوق ووضع قومية سامي في شتى المجالات في الأربع دول التي يسكنها.
حِرف يدوية متميزة
وتعتمد حياة قومية سامي علي حيوان الرنّة كمصدر لطعامهم كما يستخدمون جلود وقرون حيوان الرنّة في حرفهم اليدوية. وتتميز المشغولات والحرف اليدوية الخاصة بقومية سامي بفنها المتمير ويعود ذلك إلى انعزال الشعب عن العالم لفترات طويلة وتطويره لفنون خاصة به في صناعة الأدوات والملابس وغيرها، ويسمى فن المشغولات اليدوية الخاصة بهم باسم دودجي (duodji).
تتميز المشغولات اليدوية لقومية سامي بأنها مصممة للاستعمال اليومي والدائم، وأشهرها صناعة السكاكين ذات المقابض المصنوعة من قرون الرنّة، والتي تزينها نقوشهم التقليدية. وتشمل هذه المشغولات أيضاً الأحذية والحقائب الجلدية، والأكواب الخشبية، والملابس.
الزي التقليدى
لقومية سامي رداء مميز وهو رمز لهويتهم، يدعى كولت (Kolt). كان هذا الرداء التقليدي هو الرداء اليومي المستخدم لممارسة أعمالهم، ولكنه تحول اليوم إلى لباس يتم ارتداؤه في المناسبات والاحتفالات.
ويختلف تصميم رداء كولت حسب المنطقة والعمر والجنس وغيره، فيمكن معرفة المنطقة التي يعود إليها كل شخص من شكل وتفاصيل رداء كولت الذي يرتديه. وهناك أنماطاً مختلفة لرداء كولت حيث يوجد اختلاف بين رداء النساء والرجال، فرداء الرجال أقصر من رداء النساء. كما يتم ارتداء الحزام والحذاء والشال أو الصدرية والياقة العالية المزخرفة والقبعة مع رداء كولت. ويتم تزيين الملابس بزخارف مصنوعة من الفضة في الشمال، بينما يستخدم آخرون زخارف مصنوعة من سبيكة البيوتر التي تتم صناعتها من عدة معادن.
العَلَم
علم قومية سامي وألوانه يعود لعام 1986، وهي الأزرق، والأحمر، والأصفر، والأخضر، جيث توجد كل هذه الألوان عادة في الملابس التقليدية. توجد دائرة بالعلم يعبر نصفها الأول ،اللون الأحمر، عن الشمس والنصف الآخر ،اللون الأزرق، عن القمر.
تحتفل قومية سامي بيومهم الوطني يوم 6 فبراير من كل عام والذي يرفع فيه العلم.
موسيقى ومسرح ورقصات شعبية
تملك قومية سامي ثقافة عريقة وغنية، مليئة بالقصص والتراث والأساطير التي يتناقلونها فيما بينهم، وتعد هذه القصص مادة غنية للمسرح. يقوم مسرح قومية سامي في مدينة كيرونا في الشمال بإنتاج العديد من الأعمال المسرحية النابعة من ثقافة قومية سامي.
لقومية سامي أيضاً غناء تقليدي شعبي مميز، وقد كان في الأصل مرتبطاً بديانة الشعب، ويعد أحد أقدم أشكال الموسيقى في أوروبا ويسمى يوك (Yoik). كانت الكنيسة السويدية اللوثرية ترى موسيقي اليوك نشاطًا وثنيًا فقامت بمنعه لفترة طويلة، ليعود للظهور بعد ذلك، ويصبح اليوم مزيجًا من غناء سامي الشعبي وموسيقى الروك والموسيقى المعاصرة. من أشهر الأعمال الفنية في هذا المجال ما قامت بغنائه المغنية صوفيا يانوك حينما أدت أغنية فرقة (آبّا الشهيرة واترلو بلغة قومية سامي وذلك في مسابقة الأغنية الأوروبية Eurovision عام 2009 .